فلسطين أون لاين

​"الكاوتشوك".. سُحبُ دخان تتحدى "قناصة الاحتلال"

...
صورة أرشيفية
رفح/ ربيع أبو نقيرة:

ما إن تهب جماهير الشعب الفلسطيني إلى مخيمات العودة شرقي محافظات قطاع غزة الخمسة، وتبدأ بالتوافد ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية؛ يتصاعد الدخان الأسود الكثيف نتيجة إشعال إطارات السيارات "الكاوتشوك" لحجب الرؤية عن جنود الاحتلال.

هذا المشهد خلفه أفراد وحدة "الكاوتشوك" الذين يحضرون إلى مخيمات العودة مبكرًا، ويجهزون أنفسهم لخوض معركة "كسر الجمود" لدى المتظاهرين، ويبدؤون بالتقدم نحو السلك الاحتلالي الشائك تحت تغطية الدخان الأسود.

ولأنه ليس سهلًا وصول المتظاهرين العزل إلى السلك الزائل، في ظل قمع الاحتلال الإسرائيلي كل من يقترب من السياج الحديدي بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ابتدع المتظاهرون هذه الوحدة.

كما باتت مهمة اختراق المساحات المكشوفة لجنود الاحتلال وتلافي رصاص القناصة المنتشرين على طول السياج، على عاتق وحدة الكاوتشوك من خلال تنفيذ مناورات يخطط لها قبل البدء بها على أرض الميدان.

وتأسست وحدة الكاوتشوك مع انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار في 30 مارس/ آذار 2018، ويتواصل عملها مع اقتراب مرور عام على المسيرة، رغم المخاطر المحدقة بأفرادها.

منسق وحدة الكاوتشوك في رفح "أبو العبد" الذي طلب عدم كشف هويته، يوضح أن هذه الوحدة احدى إفرازات مسيرة العودة وكسر الحصار، مشيرا إلى أنها أداة سلمية وستبقى كذلك تماشيا مع أهداف المسيرة.

ويقول أبو العبد في حديثه مع صحيفة "فلسطين": المهمة الرئيسية لعمل أفراد الوحدة هي حماية المشاركين حتى لا تحصدهم رصاصات الغدر التي يطلقها صوبهم قناصة الاحتلال المتمركزين خلف سواتر رملية وفي آلياتهم العسكرية.

ويضيف: "وحدة الكاوتشوك قدمت شهداء ومئات الجرحى، وما زال شبابها الثائر مستمرون في تأدية المهام الموكلة إليهم بعزيمة وهمة دون كلل أو ملل"، مشيرا إلى أن افراد الوحدة في بدايات العمل كانوا ينفذون مهاما بشكل شبه يومي.

ويلفت إلى أن العمل الأوسع للوحدة يكون في أيام الجمعة مع احتشاد المواطنين، إضافة إلى الأيام التي تشهد فعاليات الإرباك الليلي، مبينا أن الوحدة تضم عديد المجموعات أبرزها واحدة تجمع الإطارات وتنقلها إلى المخيم، وأخرى تختص بالدعم والإسناد، وثالثة توزع الإطارات وتشعلها، ورابعة وظيفتها تسليط ضوء الشمس على عيون القناصة عبر مرايا لتشتيت انتباههم.

ويتابع أبو العبد: "المجموعة المكلفة بجمع الإطارات يقع على عاتقها تنظيم حملات تبرع من المواطنين لمصلحة عمل الوحدة عبر توفير مصاريف جمع الإطارات البالية ونقلها إلى مخيمات العودة شرق القطاع"، منبّها إلى أن الوحدة على مدار العام الماضي جمعت آلاف الإطارات المطاطية البالية ونقلتها لأرض الميدان.

ويبين أن الوحدة تضطر أحيانا لجمع "جالونات" ومواد بلاستيكية تؤدي دور الإطارات المطاطية عند إشعالها، بحيث تُحدِث ستارا دخانيا أسودا يحجب المتظاهرين عن رؤية جنود الاحتلال الإسرائيلي.

وسيلة سلمية

بدوره يوضح العضو الفاعل في وحدة الكاوتشوك ساهر السطري، أن كل فرد يختار المهمة والدور الذي يتوافق مع خبرته وهوايته، لافتا إلى أن أفراد الوحدة يبتكرون يوما بعد يوم طرقا جديدة وأساليب في العمل لتقليل خطر إصابتهم برصاص الاحتلال وقنابل الغاز المدمع.

ويذكر السطري لصحيفة "فلسطين" أن من ضمن الفريق العامل أفراد لديهم خبرة في توزيع الإطارات في الميدان وفقا لاتجاه الريح وسرعته، للوصول إلى فاعلية أكثر للدخان الأسود المنبعث وتوفير تغطية للمتظاهرين وحمايتهم من قناصة الاحتلال.

ويقول عن روح التضحية التي يتمتع بها الشباب الثائر في الوحدة: "علاوة على الجهد المبذول في جمع الإطارات من الطرقات ومحلات البناشر، والإرهاق الذي يتعرض له أفراد الوحدة، فإن خطرا كبيرا يواجههم لأنهم أول من ينزل إلى الميدان ويواجهون قناصة الاحتلال بصدورهم العارية دون أي غطاء أو حماية".

ويوضح السطري أن الوحدة تساند وحدة الإرباك الليلي وتشعل الإطارات المطاطية أثناء الفعاليات الليلية لحجب رؤية جنود الاحتلال وتحييد رصاصهم الغادر الموجه صوب الشبان المحتجين.

ويتابع: "بعض جرحى وحدة الكاوتشوك بترت قدمه وما زال يشارك في أعمالها، كما أن الاحتلال اعتقل عددا من أبنائها".

وبذات الثقة التي يبديها السطري، يختم حديثه: "لم نتوقف ولو للحظة منذ بدء مسيرة العودة عن حماية المتظاهرين بكل الطرق المتاحة، وسنكمل حتى النهاية"، مؤكدا أن إحراق الإطارات واستخدام المرايا العاكسة وسائل تظاهر سلمية يستخدمها جميع المتظاهرين في العالم.