فلسطين أون لاين

أم عاصف تخترق جدران سجونهم ؟؟

أرادوا أن يصبوا جام أحقادهم على امرأة فلسطينية فقدت فلذة كبدها وزجوا بكل رجال بيتها في سجونهم ، أرادوا أن يخففوا من غيظ قلوبهم وأن يخرجوا الصخر من صدورهم ، أرادوا أن ينالوا من المدرسة التي تخرج الشهداء والأحرار ، ولكنهم لا يدركون أو يدركون ولكن حقدهم قد أغلف قلوبهم فلم يروا أن أم عاصف ليست كأي امرأة وأن المرأة الفلسطينية التي تحلق في سماء الشهداء وتخترق سجون الاعداء تتميز عن أي امرأة .

لقد فتحت سماء حلقت فيها عاليا بروحها الألقة كحد الشمس عند بزوغ الفجر ومواجهة قطع الليل، ومن عمق زنازينهم القاسية التي أرادوا منها حشر هذه الروح الثائرة لتضعف وتخور قواها، من هناك وبعينيها الواثقتين وقلبها الرصين وثقتها القوية بربها وعدالة قضيتها ، هناك مارست زرعها بكل قوة وعنفوان ، لقد نجحت في زراعة الوهن والخور وسوء العاقبة في صدور من أشرفوا على تعذيبها، لقد وقفوا أمام جبهة متكاملة الاركان ، وحدها مثلت جيشا يوغل حرابه في صدورهم ، مقدمة هذا الجيش جبينها الشامخ ، تنتصب أسفله عينان تشكلان مراصد عزّة تثقب جبهتهم المتصدعة ، ومن فوقها ترتكز منظومة التحدي في عقل لا يعرف لغة التراجع والهزيمة بل التصميم وهمم الانتصار، ألقوا على هذه الجبهة الثابتة حمم سوادهم في زنزانة نتنة أرادوا منها أن تطيح بهذا الجيش، لم ينالوا منه قيد أنملة ولا نالوا لحظة ضعف أو تراجع .

ام عاصف داست بأقدامها رجولتهم ووطأت سجونهم بكبريائها ، سارت بموكب جنائزي ينذر بقرب أجلهم ، جنود يقودون امرأة لم يندمل جرحها وما زال نازفا دمعا ودما وألما ، لم تتحرك قلوبهم وبقيت في لهيب حقدها لا ترى المشهد على حقيقته، يريدون اغراقها في بحر من المهانة والمذلة بحشرها في زنزانة قذرة مثل قلوبهم ، تبتسم لقدرها وتهزأ بهم لتجعل منها خلوة بربها الذي تستمد منه عزة تغرق فيها مكرهم وكيدهم ، ثم يتماكرون في مهازلهم التي تسمى زورا محاكم، لا يتجاوزون قدر الله الذي أسبغ عليها رحمته وأعمى بصيرتهم ، المرة تلو الاخرى تنقل الى المحكمة عبر بوسطة مريعة ، أم عاصف تغدو وتروح في ذات البوسطة التي ذاق ويلاتها ابو عاصف وابنها عاصم واخوة لها من قبل ، الان هي في البوسطة تخوض محنتها وترسم سماء حرية لأسرى طال انتظارهم ، يرقبها أحدهم عن بعد يحاول رفع معنوياتها الا انها تسبقه لترفع من معنوياته وتنفخ في روعه الروح الثائرة .

تضع السجون تحت جناحها ، تقلق على قلق زوجها عليها ، تسارع لتبلغه طمأنينتها ، وهي لا تفكر في حالها ، شهيدها يرفرف بجناحيه أمام عينيها بينما هي ترنو بقلبها وتشف روحها لتعزز جبهة طالت على أصحابها ، يفر السجان من عينيها فيفتح بواباته السوداء وتنطلق محلقة في سماء الوطن لتحط رحالها في كوبر الابطال والشهداء .. وتزف من أهلها زفة لا مثيل لها .. الناس تستقبل ام الشهيد أسيرة محررة ، تحررت من آصارهم وأغلالهم وأحقادهم ومكرهم الشديد .. عادت الى قاعدتها الثابتة تردف من في السجن من روحها وتشع للناس ضياء وتفتح لهم آفاقا في سمائها العالية ..