فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"هند رجب" تحوَّل رحلة استجمام لضابط "إسرائيليّ" إلى مطاردة قانونيَّة بقبرص.. ما القصَّة؟

ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي

بخيام مهترئة.. النَّازحون في غزَّة يواجهون بردِّ الشِّتاء والمنخفض الجوِّيِّ

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

ضيف غير مرحَّب به بملاعب أوروبَّا.. هزائم رياضيَّة بأبعاد سياسيَّة لـ (إسرائيل)

استباحة الضفة هل تشعلها؟

هذا حال الضفة الغربية؛ فما إن تفتح عينيك صباحًا حتى تسمع أخبارًا سريعة عن شهداء جدد، ففجر يوم أمس، أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي على شابين فاستشهدا، وجرح آخر، عدا عن معتقلين بالعشرات، وسرقة أموال أهالي المعتقلين وخبز وحليب أطفالهم، وتجريف استيطاني جديد، وهدم منازل وإخطارات بمنع البناء، والحط من كرامة المواطنين على الحواجز اللعينة التي "تطلع الروح"، وتتمنى خلال الوقوف عندها، وعبورها؛ لو أنك تكسر رأس الجندي بحجر.

الإهانة والإذلال وجبة جاهزة من قبل الجنود على الحواجز، أو حتى مجرد مجندة تتحكم بإصبعها بحركة الوزير والغفير والمريض والطالب والجميع دون تفريق فالكل سواسية في الإهانة والإذلال.

مع كل ما سبق وأكثر منه إلا أن سلطات الاحتلال تتخوف في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون من تصاعد الأمور واشتعال الضفة مجددا، فجيش الاحتلال حذّر مؤخرا الحكومة الإسرائيلية من احتمال حدوث تصعيد أمني في الضفة الغربية، بسبب قرارات تتخذها الحكومة على خلفية الانتخابات العامة للكنيست، وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ في الأراضي المحتلة، وبسبب ضعف أداء السلطة في الرد على ممارسات الاحتلال التي طالت حتى لقمة خبز أهالي الأسرى بخصم رواتبهم من المقاصة.

قد يقول أحد ويسأل عن البدائل المتاحة في ظل تردي الوضع العام العربي والإسلامي، والضفة حالها كبقية حال أمة العرب والمسلمين، لكن هذا السؤال هو نتاج لفكر الهزيمة، فغزة ضحت وقدمت وطردت الاحتلال، ولو أتيح للضفة مجال لفعلت كما فعلت غزة، وطردت المحتل، والكرَّة ستعاد مرة تلو أخرى إلى أن تنجح، مهما عظمت التضحيات، لكون الاحتلال ما زال جاثمًا على صدر الضفة ويعد أنفاسها تباعًا.

هل سيوجه الفلسطينيون بندقيتهم ضد الاحتلال في الضفة أم ضد بعضهم البعض؟ حيث تشير تقديرات الاحتلال وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" إلى أنه توجد أسباب عديدة قد تقود إلى تصعيد في الضفة، مثال ذلك أن القيادة الحالية للسلطة ضعيفة وتمتنع عن القيام بخطوات ملموسة ضد (إسرائيل)، وهذا الأمر أدى إلى "أزمة ثقة" مع سكان الضفة. وأضاف أن هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى انقلاب في السلطة، وكذلك إلى اندلاع أعمال عنف بين الفلسطينيين في الضفة.

ويخشى الاحتلال من أن الوضع قد ينفجر في أعقاب حدث على خلفية قومية ويتحول إلى مواجهة على خلفية دينية، مثل إعادة نصب بوابات إلكترونية لاكتشاف المعادن عند مداخل الحرم القدسي، أو أحداث حول المسجد الأقصى، يسقط فيها عدد كبير من الشهداء، أو حدوث استياء كبير بين الفلسطينيين على إثر طرح الإدارة الأميركية خطة "صفقة القرن".

كما تشير تحليلات أجهزة الأمن التابعة للاحتلال إلى أن الشعور بين الفلسطينيين، منذ إقامة جدار الفصل العنصري، هو فقدان الأمل، بسبب عدم وجود أفق سياسي بالإمكان التمسك به، ولذلك فإن عباس عالق بين انعدام القدرة على العمل ضد (إسرائيل)، التي تدير ظهرها إليه، وبين الحاجة إلى إظهار إنجازات للجمهور الفلسطيني.

في كل الأحوال هي مسألة وقت أن يرحل وينتهي الاحتلال، فعبر التاريخ لا يوجد احتلال عمر طويلا، وعمر الاحتلال ليس هو من يحدده رغم جبروته وقوته الظاهرة الآنية، فمن يحدد عمر الاحتلال هي المقاومة المستنيرة العقلانية والمدروسة جيدا والمخطط لها بروية وحكمة عالية، وهو ما يعني الاستفادة من تجارب الشعوب التي تحررت من الاستعمار واستقاء التجارب منها، وتعظيم الانجازات وتطويرها والاكثار منها، وترك السلبيات إن وجدت وحصلت.

--

الحراك الشعبي والحراك الدولي

د. أيمن أبو ناهية

الحراك الشعبي المتمثل في مسيرات العودة التي انطلقت في ذكرى يوم الأرض في 30 مارس 2018 شهدت حراكا دوليا غير مسبوق ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق آلاف المدنيين العزل المشاركين فيها، مما استدعى تحركات على المستويات الحقوقية في العالم، لفضح جرائم الاحتلال من خلال التفاعل الحالي مع ما يحدث في غزة من انتهاكات بحق مسيرات العودة يمثل تفاعلا عاليا لم يسبق له مثيل من حيث التفاعل الفوري مع ما يجري للفلسطينيين على مدار الأشهر والأيام الماضية.

أبرز مظاهر هذا الحراك الدولي ما صدر من بيانات عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ومجموعة من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة والمعنيين بمراقبة الانتهاكات بمجالات معينة، وهذا يمثل علامة فارقة بأن يصدر مجموعة من المقررين موقفا عاجلا بخصوص الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، وكذلك البيان الصادر عن المدعية العامة للمحكمة الدولية الذي أكدت فيه أنها تراقب من كثب ما يجري من الانتهاكات، لقولها إن لديها إشارات بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف المدنيين بشكل مباشر عبر استخدام مفرط للقوة، وأن ما يجري على حدود غزة قيد التحقيق لدى المكتب.

ففي تغريدةٍ نشرها زعيم حزب العمال البريطاني، جيرمي كوربين، على "تويتر"، قال "إن الأمم المتحدة أصدرت بيانًا أكدت فيه أن قتل (إسرائيل) للمتظاهرين في غزة -بمن فيهم الأطفال والمسعفون والصحفيون- قد يشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية"، وطالب حكومة المملكة المتحدة أن تدين بشكل لا لبس فيه عمليات القتل، وأن تجمد مبيعات الأسلحة إلى (إسرائيل).

وكان تقريرٌ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قال يوم الخميس الماضي، إن جنود الاحتلال الإسرائيلي ربما تورطوا في جرائم حرب إبان تعاملهم مع مظاهرات فلسطينية على الحدود مع قطاع غزة العام الماضي. وبناءً عليه فقد شرعت لجنة تحقيق في تقصي الحقائق عن مقتل 189 فلسطينيا استشهدوا في الفترة ما بين 30 آذار/مارس و31 كانون الأول/ديسمبر 201٨.

في العام الماضي أقر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دورته المنعقدة بجنيف خمسة قرارات قدمتها منظمة التعاون الإسلامي تدين الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس، وفي قطاع غزة، وطالب القرار -الذي صدر بموافقة 30 دولة، مع رفض دولتين وامتناع 15 دولة عن التصويت- بمساءلة سلطات الاحتلال، حينها فشلت الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال الإسرائيلي في إلغاء البند السابع الخاص بممارسات سلطات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني في الأرض المحتلة وخارجها وكذلك في الداخل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومعارضتهما للقرارات الأربعة التي اتخذها المجلس لصالح دولة وشعب وقضية فلسطين، يؤكد من جديد أن أميركا رغم إمكاناتها الهائلة وتأثيرها القوي على الكثير من دول العالم، إلا أنه ليس باستطاعتها شراء مواقف العديد من الدول بل معظم الدول التي صوتت لصالح هذه القرارات.

وكان الدرس المستفاد لها ولحليفتها أن مواقف الدول لا تشترى بأموال أميركا ولا بضغوطاتها، ولا بقطع المعونات والمساعدات عنها بطرق الابتزاز والعربدة، لكن ما حدث هو العكس تماما، فالولايات المتحدة تعزل نفسها عن المجتمع الدولي، الذي يرفض تجاوز قرارات ومواثيق الأمم المتحدة التي تعمل إدارة الرئيس ترامب على خرقها بانحيازها التام لدولة الاحتلال.

غير أن أميركا ودولة الاحتلال يبدو أنهما لم يستفيدا من دروس التاريخ ونضالات الشعوب، فشعبنا مثله مثل بقية الشعوب التي تحررت من الاستعمار سيواصل نضاله حتى تحقيق كامل أهدافه في الحرية والاستقلال الناجزين، وجميع المؤامرات التصفوية وفرض الوقائع على الأرض المحتلة لن تمنعه أو تحول دون هذا النضال، لأن مصير جميع هذه الإجراءات هو الفشل الذريع.

إن التقارير الأربعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي تعتبر صيغة أممية جديدة تضاف إلى عشرات الوثائق المماثلة التي صدرت على مدى سنوات الاحتلال.. لكن واقع الحال يقول: إن العبرة ليست بالكلام أو البيانات إنما بالتطبيق، لأن العدالة لا تستقيم إلا بتثبيت الجرم وتحديد المجرم وسوقه إلى العدالة وإصدار الحكم عليه. لكن طالما ظل المجرم طليقاً ويمارس ما يراه مناسباً من جرائم وموبقات مستنداً إلى قوة غاشمة لديه وتتوفر له مظلة من الرعاية الأمريكية والغربية أقوى من القانون الدولي، فإن كل القرارات والإدانات والاتهامات مهما كانت موثقة بالقرائن والأدلة تبقى بلا قيمة ومجرد حبر على ورق لأنها بلا أنياب تحميها أو تفرضها.

ومع كل هذا الزخم والحراك الشعبي وما يواكبه من حراك دولي ينهش جسم الاحتلال بسبب سياساته المخالفة للقوانين الدولية فيما يقوم به من ممارسات وحشية ضد الشعب الفلسطيني، لا يزال الأمل لم يفقد بعد، لذا نطالب المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته وتنفيذ ما صدر عنه من قرارات تضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعدم شرعية الاحتلال والاستيطان، وندعو الهيئة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى تحويل قراراتهم لإجراءات عملية لحماية حقوق الفلسطينيين ودعم نضالهم، وإسقاط صفقة القرن ومنع التطبيع المجاني مع الاحتلال، كما على قيادة السلطة إعادة النظر في مسلك المفاوضات مع الاحتلال ووقف الرهان على مسار التسوية، إلى جانب إحالة جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية. فلابد من تفعيل حملات التضامن الشعب الفلسطيني ومقاطعة وعزل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأكاديميا. كما نطالب بتفعيل دور الدبلوماسية الفلسطينية على المستوى الإقليمي والإسلامي والدولي في فضح انتهاكات الاحتلال. وأهم ما نطالب به أن تعمل قوى ومكونات الشعب الفلسطيني على ضرورة التحرك لحماية المصالحة ومحاربة أي محاولة للانفصال.