فلسطين أون لاين

​كلمات تفهم خطأ (3)

...
غزة- خاص فلسطين:

وأنت تقرأ القرآن الكريم تمر عليك بعض الكلمات التي تعتقد أنت لها معنى، وفي الحقيقة هي لها معنى آخر.

"فلسطين" تواصلت مع د. طارق عقيلان "أستاذ مساعد في التفسير وعلوم القرآن، ومحاضر في الكلية الجامعية"، لترصد بعض الكلمات القرآنية التي يخطئ فهمها الشخص فيصبح في المعنى خلل، والتفاصيل في السياق.

ولفت إلى أن كلمة "ذنوبا" في قوله: "فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ"، قد يُفهَم من كلمة "ذَنُوبًا" أنها الآثام والسيئات، والصواب أنَّها من "الذَّنُوب" أي الدلو العظيمة المملوءة ماءً، ولا يقال للدلو وهي فارغة ذَنُوبًا، فالذَّنوب: الدلو يستقي به السُّقاةُ على البئر، فالآية تُشَبِّه المشركين بجماعة وردت على الماء، وتُشَبِّه الأمم الماضية بجماعةٍ سبقتهم للماء، وتُشَبِّه نصيب كل جماعة بالدلو المملوءة, وعليه؛ فالآية تمثيلٌ لهيئة تَساوي حظ المشركين بحظوظ ونصيب الذين ظلموا من الأمم الماضية، بهيئة الذين يستقون من بئرٍ واحد؛ إذ يتساوون في نصيبهم من الماء, فإن كان المراد بالماء العذاب، فلكل جماعةٍ نصيبٌ عظيمٌ من العذاب، وإن كان المراد بالماء الدنيا، فلكل جماعةٍ نصيبٌ من الدنيا لا يَعْدُوه.

وأوضح عقيلان أن كلمة "اركض" في قوله تعالى: "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ"، قد يتبادر إلى الفهم أنَّ "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ" بمعنى الجري، والصواب أنَّ "الرَّكْضُ" هو الضرب في الأرض بالرجل، فقد أصاب أيوب عليه السلام الضُّر وصبر على ضره، واشتد به الأمر فدعا ربه شاكيًا، فقيل له: أن "اركض" أي اضرب برجلك الأرض، فتنبع عين ماء يغتسل ويشرب منها، فيذهب عنه الضُّر والأذى، ففعل، ويكون مجيء كلمة "بِرِجْلِكَ" زيادة في بيان معنى الفعل "اركض".

وأشار إلى أن كلمة "يستحيون نساءكم" في قوله تعالى: "وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ"، يذهب البعض إلى أن المراد من استحياء النساء في "ويستحيون نساءكم" أي الاعتداء على أعراضهنَّ أو من الحياء، والصواب أنها من "الحياة" أي تركهنَّ أحياء، إذ كانوا لا يقتلون الإناث ويكبرنَ للخدمة في البيوت كرقيقات.

وبين أن كلمة "عفوا" في قوله تعالى: "ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"، يتبادر إلى الفهم أنَّ "عَفَوا" من العفو والتجاوز عن الإساءة، والصواب أنها بمعنى: كثرت خيراتهم ونمت أموالهم، فيقال: عَفَا النباتُ أي كَثُر ونما، وفي الحديث: [وَأَعْفُوْا اللِّحَى]، فالآية في سياق بيان سنة الله في الأمم السابقة، وتقلبها بين البأساء والضراء، واليسر والرخاء، فبينت أنَّ الله يغير ما بهم من بأساء وضراء إلى عافية وهناء إلى حد "حَتَّى عَفَوا" أي كَثُرت أموالهم وأولادهم.

وواصل حديثه عن كلمة "ينسلون" في قوله تعالى: "حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ"، قد يُفْهَم أنَّ كلمة "يَنْسِلُونَ" من التناسل، أي التكاثر والتوالد. والصواب أنَّها من "النَّسَلان" وفعلها "نَسَلَ" وأصله مشي الذئب، والمراد: المشي السريع. والمعنى: أنَّ يأجوج ومأجوج من كل مرتفَعٍ من الأرض يمشون بسرعة.

وأن –وفق قوله- كلمة "جابوا" في قوله تعالى: "وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ"، قد يتبادر إلى فَهْم القارئ المعنى العامِّي لكلمة "جابوا" أي أحضروا، والصواب "جابوا" بمعنى قَطَعوا، والمعنى: أنهم قطعوا الصخر ونحتوه واتخذوا فيه بيوتًا.