ليس في مقدور المتغوّلين على المعارضة الفلسطينية في الضفة، ولا في وسع المتنافخين أمام القوى الفلسطينية الوطنية، بمزاعم المشروعية والريادة، أن يتخذوا موقفاً ولو كان لفظياً، ضد شخصيات ضالة تلتقي ممثلي المستوطنين والاحتلال والأحزاب الصهيونية المتطرفة، وتجتمع مع السفير الأمريكي وتستمع منه إلى حديث في تحقير السلطة الفلسطينية ورئيسها. فأصدقاء المستوطنين، باتوا فوق المساءلة، بل فوق النقد عبر وسائل الإعلام بلسان فرسان عباس والناطقين باسمه، ولا زالت حرية هؤلاء مصانة، وهم آمنون من بطش أمن السلطة الذي يعتقل ويعذب المعارضين. لذا، فإن المتخابرين المتواطئين مع الاستيطان، الذين يطالبون نتنياهو بضم الضفة، يتحضرون الآن لعملية رفع مستوى الاتصالات، وتحويل أسمائهم الذميمة، الى شخصيات سياسية يمكن أن تُدعى الى البيت الأبيض، وأن تدخل دون استئذان على خط السياسة، وأن تنتحل تمثيل الشعب الفلسطيني!
والأنكى أن هؤلاء، يتوجهون اليوم بخطى حثيثة، إلى انتزاع ما يسمونها حقوق المتخابرين مع الاحتلال من العملاء الفارين، ووالى إجبار السلطة على دفع تعويضات لهم من تلقاء نفسها.
أشرف روبين الجعبري، لم تعترضه أية عقبة لكي يكف عن دعوة العدو إلى إعلان الضفة جزءاً من (إسرائيل)، إلى ضم الضفة. فالرجل مستريح وهو يصف نتنياهو بالضعف والجبن وتذكيره بقوة مناحيم بيغن، الذي لم يكن سينتظر خمسين عاماً لكي يستغل الفرصة ويضم الضفة.
الصامتون على وقاحة هؤلاء الأوغاد العملاء، هم أنفسهم المتنافخون المتمثلون حال الاستبسال دفاعاً عن العناوين الوطنية تبريراً لأدوارهم. فكلما أعربت شخصية فلسطينية من طيف المقاومة أو الفصائل، عن تذمرها من ضعف منظمة التحرير الفلسطينية، أو من فداحة تدمير المؤسسات وتغييب القانون واحتقار الوثيقة الدستورية، يهب الفرسان ويمتشقون الدور الباسل. في الوقت نفسه لم تُسمع لأي منهم، كلمة واحدة عبر وسائل الإعلام، ضد الأوغاد الذين ينافقون المستوطنين في جنوبي الضفة، ولم تصدر بيانات حتى حمساوية تتناول الأوغاد بالاسم والعنوان. وبسبب ذلك فإن هذا العار الذي يمثله أتباع أشرف الجعبري، يكبر ويحاول التكاثر في منطقة ذات ثقل لا بأس به للفصائل. وبالطبع أدى هذا الصمت المشبع بالرياء والجبن وتحاشي الملاحقة من عائلات الأوغاد، إلى تنامي هذه الظاهرة التي تتجاوز الوجدان الشعبي الفلسطيني، وتتجاوز السلطة والفصائل، وتسخر من مزاعم الصمود والبطولة ومحاربة صفقة القرن. إن حيثيات لقاء أشرف الجعبري، ممثل الأوغاد في جنوبي الضفة، وبضمنهم شيوخ وعباءات وأدعياء وجاهة، مع السفير الأمريكي مؤخراً؛ تُعد من جوهر التطبيقات العملية لصفقة القرن. فقد جمع ديفيد فريدمان بعض رجال الأعمال الإسرائيليين، مع الجعبري وأصحابه، ومما رَشَحُ عن اللقاء، أن السفير الأمريكي أطلق حبل النميمة الساخرة من محمود عباس الذي شتمه في خطاب علني، ثم أرسل له من يعتذر نيابة عنه، ويفسر له الشتيمة في غير سياقها. وقال فريدمان لضيوفه أنه أرسل لعباس يطلب كشف مصروفات سبعه مليار دولار تلقتها السلطة من أمريكا، وأردف قائلاً إن الجماعة ذهبوا ولم يعودوا!
كان واضحاً أن السفير الأمريكي، الذي سيكون قطعاً أحد المكلفين بتطبيقات خطة الإدارة الأمريكية، تعمد تطيير حكاية الاعتذار وطلب مصروفات السبعة مليارات دولار لكي يعزز لدى الزوار الفلسطينيين قدرتهم على التجرؤ، من خلال تحقير الرئاسة الفلسطينية.
كل هذا ولم تُسمع كلمة واحدة من أفواه الفرسان العباسيين، الذين يستأسدون على الفصائل وحتى على بعض الحكومات العربية، ويتطاولون على الوطنيين والمقاومين.
لقد بات من سخريات الحال الفلسطينية، أن يثرثر المُرجفون ويحاولون إقناع السذج ممن يوالونهم، أن غزة هي الثغرة التي تنفذ منها صفقة القرن، كلما سعت الى فتح المعبر أو الحصول على رغيف خبر!
إن هذا المنطق المنحرف، سيظل مُعتمداً حتى عندما يُدعى أشرف الجعبري الذي يطالب نتنياهو بضم الضفة، إلى البيت الأبيض، منتحلاً الصفة الفلسطينية وهي منه براء، وتكون كل هذه الضلالة، قد نشأت وكبرت تحت عين السلطة!