فلسطين أون لاين

​هل السياسيون في (إسرائيل) حجارة شطرنج؟

لم يكن مطمعه مالاً، حين تبرع الملياردير اليهودي شيلدون أديلسون بمبلغ 25 مليون دولار لحملة ترامب الانتخابية، ولم يكن يطمع بالجاه والنفوذ الشخصي، حين تبرع للحزب الجمهوري في انتخابات الكونجرس الأخيرة بمبلغ 55 مليون دولار، كان اليهودي أديلسون يطمع بمزيد من المكاسب لليهود في أمريكا، ولليهود في إسرائيل، ولاسيما أن الملياردير نفسه قد أبدى استعداداً للتبرع بنصف مليار دولار من أجل بناء السفارة الأمريكية في القدس.

الملياردير اليهودي الذي تدخل لحسم نتائج الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب، ودفع لها الملايين، لن يقف وأمثاله من اليهود متفرجين إزاء الانتخابات الإسرائيلية، ولاسيما أنهم يقدمون لهذه الدولة الدعم المالي والأمني والعسكري والتكنولوجي، وهم أحرص على سلامتها، وهم الأقدر على معرفة مصلحتها الاستراتيجية من كل تلك الأدوات الحزبية، التي يسمح لها بأن تمارس الديمقراطية ضمن الإطار العام الذي تحدده القيادة اليهودية العليا، والممثلة بمنظمات وشخصيات عدة تقف على رأسها منظمة إيباك، صاحبة الرؤية الشمولية لمصالح كل اليهود.

ضمن منطق التدخل اليهودي هذا، والتأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية والأوروبية يمكننا فهم الأسباب التي دفعت إلى التلاقي والتفاهم بين النجم الانتخابي الصاعد بني غانتس، مؤسس حزب مناعة، ومائير لبيد زعيم حزب هنالك مستقبل، ليشكلا معاً تكتل أبيض أزرق، بهدف سحق حزب الليكود، وإبعاد نتنياهو عن تشكيل الحكومة القادمة.

من المؤكد أن تشكيل تحالف أبيض أزرق لم يتم بجهد إسرائيلي محلي، ولا بجهد ذاتي بين حزبين، وستكشف الأيام أن تدخلات يهودية خارجية أسهمت في تشكيل هذا الحلف الذي أضحى أقرب إلى الفوز، وأمسى مصلحة إسرائيلية عليا، تخدم الاستراتيجية اليهودية في فلسطين وفي خارج فلسطين، وتصب في صالح صفقة القرن التي عارضها اليمين الإسرائيلي كل الفترة الزمنية السابقة، وأعاقها، حيث طالب نتانياهو بتأجيلها، وأعلن أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم، واعترض على الصفقة حليف حزب الليكود المركزي، زعيم الحزب اليميني نفتالي بينت، وعارضت الصفقة وزيرة القضاء شاكيد حين أعلنت عن خطة ضم منطقة جفي الضفة الغربية قبل الإعلان عن الصفقة، وكل هذا التسويف يتعارض مع الرؤية الاستراتيجية للمنطقة كما تراها منظمة إيباك، وكما رتب لها شيلدون أديلسون حين اشترط تبرعه المالي لحملة ترامب الانتخابية بتصفية القضية الفلسطينية، واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الامريكية اليها، ومن ثم شطب ملف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من أجندة عملية السلام، وهذا ما تتضمنه صفقة القرن التي سيعلن عنها ترامب بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية.

ضمن منطق تدخل اليد اليهودية العليا في نتائج الانتخابات الإسرائيلية، يمكن الافتراض بأن تقديم المستشار القضائي للحكومة إفيحاي مندلبليت لائحة الاتهام ضد نتنياهو قد جاء للسبب نفسه، وكذلك حملة الإعلام الشرسة التي اشتكى منها الإرهابي نتنياهو، واتهمها بأنها ترفع من شأن منافسه الإرهابي بني غانتس.

فأين هي القيادة الفلسطينية من كل هذه القوى اليهودية العالمية والمحلية التي ترسم معالم مرحلة سياسية جديدة، تقوم على استثمار حالة الضعف والتمزق التي تعاني منها المنطقة العربية، لتصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق ملفها إلى الأبد؟ وما هو دورها في هذه المرحلة؟