فلسطين أون لاين

منخفض جوي يرمي بثقله في السجون

يحتاط الناس لتقلبات الطقس فقبل المنخفض تجري الاستعدادات على قدم وساق ، من تدفئة ومأكل وملبس وقدرة على التنقل بأمان وفتح للطرقات والعبارات ، وحتى يمر المنخفض بسلام لا بد من الاستفادة من الخبرات السابقة والبناء عليها والاعتبار مما سببته من أضرار ومآسٍ .

تقلبات الطقس داخل السجون الاسرائيلية لها طبيعة قاسية، تأتي عنيفة مؤلمة عاتية وتأتي باحتياطات متاحة متواضعة لا تفي بصد هجمات البرد القاسية أو حرارة الصيف العاتية ، في النقب ونفحة والسبع وكل سجون الجنوب النائية يخيل للمعتقل أنه في فريزر ثلاجة من قسوة البرد ، ولا يوجد هناك مكيفات او صوبات ، فقط يستذكرون المثل الشعبي : " القى البرد بالجرد " فاذا لم يتوفر هذا الجرد او لم يكن بشكل كافٍ فما على الاسرى الا انتظار انقشاع المنخفض الجوي بفارغ الصبر .

في النقب تأتي تقلبات صحراوية عاتية، فجأة تجتاح الخيام عواصف رملية تخترق الخيام وتنثر رمالها في كل مكان ، ويتبع ذلك عدة أيام والمعتقلون مشغولون في تنظيف آثارها الرملية التي حشرت أنفها وبسطت نفوذها على كل تفاصيل الخيمة المتهالكة. وفي الصيف ترمي السماء حممها على رؤوس المعتقلين ، فيتجرعون سمومها صيفا وزمهريرها شتاء .

في سجن عسقلان رغم أنه أقل بردا من سجون أقصى الجنوب الا أنهم مع فتح النصف الاعلى من بوابات الغرف فإنهم بذلك يصرون على دخول قطع البرد القارس الى عظام المعتقلين ، وفي الصيفتكون الرطوبة القاتلة وليس لهم منها بد ، ليس لهم الا انتظار انقضاء الصيف الرطب ليتلقوا الشتاء القارس .

في سجون الشمال تجلب عليهم تقلبات الطقس مصائبها فسجن جلبوع مثلا يقع في الاغوار الشمالية والتي تأتي بحر لهيبها صيفا ، هناك مراوح تحرك الهواء الساخن فيحتار المعتقل بين أيهما أفضل تشغيلها او عدمه ، الصيف هناك قاتل ولا مفر من جحيمه أبدا . سجن شطة كذلك بينما سجن مجدو أخف وطأة شتاء وفي الصيف كلها في الهم شرق .

واللافت في تقلبات الطقس في السجون أنه بالامكان التخفيف من وطأتها ولكن مصلحة السجون الحاقدة لا تريد ذلك لأنها تعتبر السجن مكانا للعقاب والانتقام والردع ، إذ بالامكان توزيع وحدات تدفئة على الغرف فتكسر من شدة البرودة ولو قليلا .

الشتاء قاس في السجون والمنخفضات الجوية تمر عليهم ثقيلة حادة نصالها مشرعة ، ناخرة للعظم موهنة للقوى ، وعندما نتحدث عن أسرى أفنوا زهرة شبابهم ووصلوا الى سني كهولتهم وهم في هذه التقلبات القاسية، لنا أن نتخيل حجم الالم والقهر الذي صبته هذه السجون بظروفها العاتية في صدور أسرانا البواسل .