فلسطين أون لاين

​إذا طلبت زوجتُك الطلاق.. افتح لها الباب

...
إذا طلبت المرأة الطلاق يكون لذلك مقدمات صغرى أو كبرى
غزة/ نبيل سنونو:

وقع السؤال على نفس عمار حميدة (غزي يبلغ 28 عامًا) كان ثقيلاً: كيف تتصرف لو طلبت منك زوجتك الطلاق؟

توقف حميدة قليلاً كأنما يستجمع أنفاسه، قبل أن يقول: "أحاول معها ألا أطلقها، وأقول لها: لا تتركيني، وأطلب منها الصبر".

كان هذا الشاب ذو الوجه الأسمر المدور، يعتلي دراجته الهوائية وسط مدينة غزة، عندما طرحت عليه صحيفة "فلسطين" سؤالها المباغت.

حميدة متزوج منذ سبع سنوات، وهو من الفرح في نهاية لأن موقفا كهذا لم يحصل في حياته البتة.

ويضيف: زوجتي لا تهون عليّ، محذرا الأزواج من أن ينجروا إلى الطلاق لأسباب عدة منها عشرة العمر التي تجمعهم بزوجاتهم، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية، ومخاطر تفكك الأسرة وتشرد الأولاد لأن أي زوجة أخرى لن تهتم بهم كاهتمام أمهم.

كما أن المرأة قد تطلب الطلاق نتيجة حالة انفعال وغضب دون أن تقصد ذلك فعلا، كما يتابع.

ولحميدة أربعة أبناء، أكبرهم ستة أعوام، وأصغرهم يبلغ من عمره عامًا.

خالد غزال شاب آخر من غزة، يلقي باللوم على الزوج إذا طلبت منه شريكته الطلاق، قائلا: مرد ذلك تصرفاته ومعاملته وربما بخله فلو كانت تعيش حياة هنية لما فعلت ذلك.

لكن إذا تعرضت لمثل هذا الموقف ما رد فعلك؟ يجيب غزال صحيفة "فلسطين": أبحث في الأسباب وأعالجها سواء مني أو منها، مردفا: "لا يجب على الزوج التسرع في الطلاق، فهل سيأتي بزوجة أفضل من زوجته؟".

ويحذر غزال (30 عاما)، من أن تسرع بعض الأزواج وارد لكنه خطأ، لافتا إلى الأوضاع الصعبة التي يفرضها الحصار "اللي بتخلي الواحد يطلع من راسه"، وفق تعبيره.

بيد أن ذلك ليس مبررا للطلاق – كما يؤكد- مشيرا إلى أضراره المتعددة ومنها أن الأولاد قد يتحولون إلى "أولاد شوارع"؛ وفق وصف غزال الذي له ثلاثة أولاد، ومتزوج منذ سبعة أعوام.

أما الثلاثيني منذر الذي فضل عدم كشف اسمه كاملا، فله رأي آخر إذ يقول: لو طلبت مني زوجتي الطلاق أطلقها، فلا ينفع أن أعيش مع أحد لا يريد العيش معي، لكنه يضيف: إذا كان هناك طريق للإصلاح أصلح.

ويوضح لصحيفة "فلسطين" أن زوجته لم تطلب منه الطلاق، لكنهما يعانيان من المشكلات فيما بينهما.

من جهته يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأزهر بغزة د. ناصر مهدي: إذا طلبت المرأة الطلاق يكون لذلك مقدمات صغرى أو كبرى، ويكون الزوج أدرى بها.

وفي إطار حديثه مع صحيفة "فلسطين" عن تلك المقدمات يضيف: هل طبيعة المشكلات الموجودة تستدعي طلب الطلاق أم أنها عابرة؟ فإذا كانت طبيعة الحياة الاجتماعية قاسية فلا بد من البحث بهذه الأسباب.

والحالة الانفعالية –والكلام لمهدي- هي مزاجية مؤقتة، يجب ألا تقابل بحالة انفعالية مماثلة حتى لا تتفاقم الأمور لمرحلة أصعب.

ويتابع: إذا كانت مقدمة الطلب كبرى ومرتبطة بمشكلات اقتصادية وتوفير بيئة معيشية جيدة فهنا يجب فحص الحلول حتى لو تدخلت جهات خارجية للمساعدة في ذلك.

ويذكّر مهدي بضرورة أن ينظر المرء إلى قاعدة: مَنْ يرَ مصيبة غيره تهُنْ عليه مصيبته، وأن بعض الناس أحوالهم أصعب اقتصاديًا، لكنهم يحظون بالتوافق، ويمكن من خلال هذا النموذج الوصول إلى حل.

وينبه إلى أن المرحلة الاقتصادية الصعبة عايشها أغلب أبناء الشعب الفلسطيني، أما إذا كان طلب الطلاق انفعاليًا فيجب ألا تقابله ردة فعل تزيد المشكلة.

ويخلص أستاذ علم الاجتماع إلى ضرورة الوصول إلى حالات تفاهم وقواسم مشتركة بين الأزواج للتكيف مع أي أوضاع صعبة.

ويدعو إلى زيادة الوعي بأضرار الطلاق لتقليل نِسَبِه في المجتمع الفلسطيني.

وإذا كانت ثمة قاعدة "ذهبية" تسعف الأزواج في مثل هذه الحالات، هي: إذا طلبت زوجتك الطلاق، افتح لها باب قلبك، وقل له: "رفقًا.. بمن تحملت معك ولا تزال الكثير".