أكد مسؤول دائرة العلاقات الدولية في حركة "حماس" أسامة حمدان، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتسلح بموقف دولي ولا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية في تشديد الحصار على قطاع غزة، وهو ما يجعلها غير مكترثة مطلقا لدعوات وانتقادات تصدر عن هذا الطرف أو تلك الشخصية أو المؤسسة.
وأشار حمدان في حوار مع صحيفة فلسطين، الى أن قضية الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، من القضايا التي تعتبرها حركة حماس قضية وطنية غير متعلقة بها فقط، مشددا على أن الحصار والممتد منذ عشر سنوات هو استكمال لحالة "الانقلاب الأسود" على الديمقراطية الفلسطينية التي أفرزت خلال انتخابات 2006، وحققت ما لم يرضِ الاحتلال وأعوانه الفاعلين في المجتمع الدولي.
وقال حمدان إن الاحتلال ودولا من المجتمع الدولي، انقلبوا مباشرة على هذه الانتخابات عبر بوابة الحصار، وإعلاء ما عرف في حينه بشروط الرباعية، وتفعيل وتكليف أياد فلسطينية للعبث داخليا بالأمن بالاغتيال والتفجير.
إسقاط الديمقراطية
وأضاف "أن استمرار الحصار هو استكمال لإسقاط الديمقراطية الفلسطينية والصمود الفلسطيني"، مؤكدا أن حركة حماس نجحت في مراحل متعددة من عمر الحصار في التخفيف من وطأته، غير أن العام الجاري والذي سبقه بات الحصار قاسيا، لا سيما أنه سُبق بعدوان واسع استمر 51 يوما.
وأوضح أن قيادة حركة حماس واستشعارا منها بالمسؤولية بذلت جهودا كبيرة في التخفيف من هذا الحصار، على صعيد البيئة الداخلية أولًا، بتقديم كل التنازلات لتشكيل حكومة وفاق وطني، لتقوم بدورها المنوط بها، غير أن رئيسها رامي الحمد الله بات في المحصلة جزءا من الحصار نفسه.
وذكر حمدان أن حركته توجهت للبيئة الإقليمية ثانيا، ولا سيما تجاه مصر، على قاعدة إنهاء حالة الحصار من خلال تفاهم فلسطيني مصري يفشل الحصار على قطاع غزة ويوقفه، مشيرا إلى أن الزيارة لمصر جرت وسط جملة من الاتصالات والزيارات لدعم اللقاء والمشروع المطروح.
وفي سياق ملف الحصار ذاته، أكد حمدان أنه يجب ألا يظن أحد أن المستهدف عبر الحصار هو المقاومة ورأسها فقط، وأن الأساس في هذا الحصار هو خيار الشعب الفلسطيني وإرادته.
وحول مستجدات المصالحة الفلسطينية، قال حمدان، إن حركته ما زالت في انتظار تحديد حركة "فتح" موعدا لالتقاء قيادة الحركتين في العاصمة القطرية الدوحة.
أحاديث إعلامية
وأشار إلى أن تصريحات قيادة حركة "فتح"، التي تتحدث عن وجود اتفاق حول لقاء في نهاية الشهر الجاري، هي "أحاديث إعلامية، وليس بشكل رسمي"، غير أنه شدد في ذات الوقت على أن "حماس" مستعدة لعقد اللقاء "اليوم قبل غدٍ".
وقال: "إن المصالحة الفلسطينية هي بين أطراف، ولا تكفي النية الحسنة لدى طرف وحده، فلا بد أن يقابل بفعل من كل الأطراف"، مؤكدا أن المصالحة لا بد من دعمها وتفعيلها ليس فقط من أجل غزة بل وصولا للقدس ومواجهة الاستيطان.
وأضاف: "لا يظن أحد أن استمرار الحصار على غزة، والانقسام سيخدمان فريقا سياسيا، ومخطئ من ظن أنه يكسب من استمرار الانقسام، فعدم تفعيل المصالحة وإبقاء الانقسام على حاله هو خسارة للشعب والقضية كلها".
وتطرق حمدان إلى اللقاءات التي جرت بين قيادة الحركتين في الدوحة قائلا، إنها خرجت بنتائج جيدة في مضمار ملف المصالحة، وأن المفترض أن تكون نتائجها معتمدة لدى قيادة الحركتين لتفضي للخطوة النهائية المتمثلة في الإجراءات التنفيذية.
وأضاف "من طرفنا ما تم الاتفاق عليه نحن ملتزمون به ونأمل أن يكون نفس الموقف لدى حركة فتح كذلك، وأن يحصل اللقاء قريبا وينتهي الانقسام عبر الإجراءات المتفق عليها بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتفعيل ملف منظمة التحرير، وأن تكون أولويات الحكومة المشكلة إنهاء الحصار والإعداد للانتخابات".
وبين أن "حماس" في صدد أن تسمع الموقف النهائي الرسمي خلال اللقاء القادم بشأن ما تم الاتفاق عليه، بشأن الملفات المطروحة وبما فيها ملف الموظفين في غزة.
وفي ملف المفاوضات التركية الإسرائيلية، والنقاط البارزة خلالها المتعلقة في شروط تركيا لإعادة العلاقات المنقطعة بعد الاعتداء على سفينة مافي مرمرة التركية، قال حمدان إن المتعلقات المحدثة حول هذا الملف يوضح أن الجانب الإسرائيلي لا زال متعنتا فيما يخص موضوع رفع الحصار بكل جوانبه.
انتهاك صارخ
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال لا تزال تشعر بأن جزءا من المجتمع الدولي ولا سيما أمريكا، يدعمها في إبقاء الحصار، وعدم الاستجابة لأي دعوات لرفعه، رغم ما في هذا الحصار من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ووصوله لنقطة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وانتقد حمدان وحدانية الصوت التركي لرفع الحصار الإسرائيلي، مطالبا بأن يكون هناك جهد عربي ودولي موازٍ للجهود التركية لإنهاء الحصار، وأن تفهم دولة الاحتلال بأن موقفها المتشدد من الحصار ما هو إلا تنفيذ لجريمة إبادة جماعية جديدة.
وأكد أن الجانب العربي لا بد من قيامه بخطوات عملية، لا سيما أن معبر رفح الحدودي هو بين مصر وغزة المحاصرة، وأن الواجب اتخاذ خطوات لفتح بوابة معبر رفح الحدودي، بما يخفف من الحصار المطبق.
وشدد حمدان على أن الاحتلال ليس معنيا برفع الحصار، وأنه يريد استسلام الفلسطينيين وإذلالهم، مؤكدا أن سياسة الإذلال الإسرائيلية ليست موجهة فقط لقطاع غزة، بل إنها تمتد للضفة الغربية، غير أنها في الأخير تجري كثيرا بتنسيق مشترك مع السلطة الفلسطينية، والتي ما تخجل أن تتحدث "بشكلٍ وقح" عن وقوفها في وجه إرادة الشعب وانتفاضته، وفق تعبيره.
أهداف التصعيد الإسرائيلي
وفي شأن التصعيد الإسرائيلي على القطاع؛ قال حمدان إنه يهدف بصورة مباشرة إلى تغيير شروط وقف إطلاق النار التي حصلت عام 2014، حيث يرى الاحتلال أنها ليست بالمستوى المطلوب الذي يريده.
ونوه إلى أن جزءا آخر من أهداف التصعيد يتعلق بتلبية سلطات الاحتلال لاحتياجات أطراف داخل كيانه، بداية من اليمين المتطرف، ونهاية إلى أحزاب المستوطنين التي تشكل الائتلاف الحكومي القائم.
واستبعد حمدان إمكانية تطور التصعيد الإسرائيلي، ليصل لعدوان شامل أو واسع، مرجعا ذلك للبيئة الإسرائيلية الحالية، التي لديها حساباتها الخاصة، ولا سيما فيما يجري في المنطقة من أحداث.
وأكد أن الاحتلال في نهاية هذا التصعيد سيكتشف أنه لن يصل إلى ما يريد ولن يحقق أهدافه، موضحا أن المقاومة الفلسطينية ملتزمة بمشروعها، والتعامل مع ظرف التصعيد بواقع مسؤولية ودون مغامرات كما يصورها البعض.
وكشف حمدان عن وجود اتصالات مختلفة لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار ما بين المقاومة والاحتلال، مبينا أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، وأن (إسرائيل) تحاول عبثا بشنها غارات بسلاحها الجوي الحديث عن قوتها وقيامها بما تشاء وقت ما تشاء.