فلسطين أون لاين

(إسرائيل) ما تزال تفلت من العقاب

"العفو الدولية": تهاون المجتمع الدولي جرّأ الشرق الأوسط على الانتهاكات

...
بيروت - الأناضول

اعتبرت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، أن "التهاون المخيف من جانب المجتمع الدولي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جرّأ حكومات المنطقة على اقتراف انتهاكات فظيعة".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته المنظمة في العاصمة اللبنانية بيروت، لإعلان تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2018.

التخاذل الدولي

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، إن "2018 شهد تواصل حملات القمع بلا هوادة لسحق المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، وغالبا ما كان يحدث ذلك بدعم غير معلن من حلفاء أقوياء"، لم تسمهم.

وأضافت أنه "لطالما وضعَ هؤلاء الحلفاء الصفقات التجارية المربحة أو التعاون الأمني أو مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات، قبل حقوق الإنسان".

ورأت أن هذه المواقف أدت إلى تأجيج الانتهاكات، وخلقِ مناخ شعرت فيه حكومات المنطقة بأنها "لا تُمسُّ" وأنها "فوق القانون".

وشددت على أن "انعدام ممارسة الضغوط الدولية سمح لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان بالإفلات من العقاب".

وعن الوضع باليمن، قالت مرايف إنه "بينما علّقت بعض الدول الأوروبية بيع الأسلحة إلى السعودية والإمارات، استمرّت دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في إرسال معدات عسكرية بمليارات الدولارات إلى المنطقة".

وأوضحت أن بعض هذه المعدات استُخدم في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني في الصراعات بالمنطقة.

أمّا عن سوريا، فأكدت المسؤولة بالمنظمة، استمرار قوات النظام في ارتكاب جرائم حرب، مستغلة مساعدات روسيا والصين في الحيلولة دون المساءلة عن تلك الجرائم.

وأشارت إلى أنه "تم قتل مئات المدنيين أيضا على أيدي قوات التحالف (الدولي للقضاء على "داعش") بقيادة الولايات المتحدة"، معتبرة أن هجمات التحالف في الرقة شكلت "انتهاكا للقانون الدولي".

وبالنسبة لممارسات (إسرائيل)، قالت مرايف إن "(تل أبيب) ما تزال تفلت من العقاب بسبب ممارستها ضد الفلسطنيين، فيما تواصل الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية لها".

واعتبرت أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتعلقة بتوسيع المستوطنات غير القانونية، وحصارها الدائم لقطاع غزة، "تشكِّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي".

ولفتت إلى أن السلطات في الأردن ولبنان وفلسطين قامت باحتجاز نشطاء، تعسفيا، بسبب انتقادهم السلطات، أو مشاركتهم في مظاهرات سلمية.

حقوقيون خليجيون خلف القضبان

وعن الخليج العربي، لفتت إلى أن السلطات السعودية اعتقلت وحاكمت منتقدين للحكومة وأكاديميين ومدافعين عن حقوق الإنسان.

وأضافت أنه يمكن القول إن "جميع المدافعين عن حقوق الإنسان تقريبا في المملكة باتوا الآن خلف القضبان، أوأُرغموا على الفرار من البلاد".

مرايف تطرقت أيضا إلى قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بقنصلية بلاده في إسطنبول.

وقالت إن "عملية القتل الوحشي للصحفي هي التي دفعت عدداً قليلاً من الدول الأكثر شعوراً بالمسؤولية، إلى تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى بلد يقود تحالفاً مسؤولاً عن ارتكاب جرائم حرب، وأسهم في التسبَّب بوقوع كارثة إنسانية في اليمن".

واقعة خاشقجي مروِّعة

ولفتت إلى أن حادثة مقتل خاشقجي "المروِّعة أشعلت شرارة غضب عالمي غير مسبوق، طالب السلطات السعودية بإجراء تحقيق في الحادثة، بل وحفَّز دولاً مثل الدانمارك وفنلندا على اتخاذ إجراءات نادرة بتعليق عمليات تزويد السعودية بالأسلحة".

وتابعت: "ذلك الغضب العالمي إزاء قضية خاشقجي لم تتبعه حتى الآن إجراءات ملموسة على أرض الواقع لضمان تقديم المسؤولين عن جريمة القتل إلى ساحة العدالة."

وشددت على أن "الدول الرئيسية الحليفة للسعودية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لم تتخذ الإجراءات ذاتها، وتقاعس المجتمع الدولي ككل عن تلبية مطالب منظمات حقوق الإنسان بقيام الأمم المتحدة بإجراء تحقيق مستقل قادر على تحقيق العدالة".

أما في الإمارات والبحرين، فأشارت إلى أنه جرت "معاقبة نشطاء مثل "أحمد منصور" و"نبيل رجب"، بالسجن لمدد طويلة، بسبب منشوراتهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي شمال إفريقيا، قالت مرايف إن فرنسا والولايات المتحدة، زودتا مصر بأسلحة استُخدمت في حملات "قمعية" لحقوق الإنسان.

وأكدت أن "مصر اليوم صارت مكانا أشدَّ خطرا على المعارضين السلميين من أي وقت مضى في تاريخ البلاد الحديث".

وردا على سؤال حول الإعدامات الأخيرة في مصر، قالت مرايف إن العفو الدولية كانت دائما تقوم بحملات ضد عقوبة الإعدام على المستوى الدولي.

ولفتت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي أكثر منطقة لم يُرصد فيها أي تحركات حقيقية في ملف الحد من عقوبة الإعدام.

وأوضحت أن المنظمة ستواصل العمل في ذلك الملف، خاصة وأن مصر كانت في فترة معينة لا تنفذ عقوبة الإعدام لكنها عادت في الـ6 سنوات الأخيرة لتنفيذها.

وفي 20 فبراير/شباط الجاري، أعدمت وزارة الداخلية المصرية 9 شباب معارضين صدرت بحقهم أحكام نهائية في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، صيف 2015.

عدم الالتفات للقانون الدولي

وبخصوص الملف الليبي، أشارت مرايف إلى أن "تقاعس" المجتمع الدولي عن انشاء آليات مساءلة فعالة، دفع أطراف النزاع في ليبيا إلى الاستمرار في ارتكاب انتهاكات بازدراء تام للقانون الدولي.

وفي الجزائر، قالت إن نشطاء ومدوِنين تعرضوا لانتقادات شديدة، بسبب تعليقاتهم التي تنتقد الحكومة على "فيسبوك".

وبعيدا عن المنطقة العربية، قالت مرايف إن السلطات الإيرانية قمعت موجة من الاحتجاجات الجماهيرية بعنف، وقبضت على آلاف الأشخاص، بينما "أُسكت" رد الاتحاد الأوروبي، الذي يقيم حوارا مستمرا بشأن حقوق الإنسان مع طهران.

وأضافت أن 2018 كان "عام العار" في إيران، نظرا للاعتقالات التعسفية لآلاف المحتجين والطلبة والصحفيين والعمال والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي ختام المؤتمر الصحفي، دعت المنظمة جميع الدول إلى التعليق الفوري لعمليات بيع أو نقل الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع في اليمن من ناحية، وإلى إسرائيل من ناحية أخرى، إلى أن يزول كل خطر حقيقي من احتمالية استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة للقوانين الدولية.

كما حثت المنظمة جميع الدول على تقديم دعم أكبر للآليات الدولية الهادفة إلى ضمان تحقيق العدالة، مثل تحقيقات الأمم المتحدة في عمليات القتل في غزة، والانتهاكات في اليمن و سوريا.

ولم يصدر تعليق فوري من الدول الوارد ذكرها في تقرير المنظمة الدولية، حول ما أوردته الأخيرة.