فلسطين أون لاين

​إنِ اتُّهِم رسميًّا بالفساد

مختصان: نتنياهو يتعلق بـ"قشة اليمين" للنجاة من السقوط الحكومي

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ حازم الحلو:

رأى مختصان في الشأن الإسرائيلي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، سيحاول استباق التأثير السلبي على شعبيته الشخصية أو شعبية حزبه (الليكود) إن قُدِّمت لائحة اتهام ضده، بالتحالف مع الأحزاب اليمينة المتطرفة لتعويض الكتلة الشعبية المفقودة.

وكان المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيخاي مندلبليت، أعلن، أمس، أنه ينوي تقديم نتنياهو إلى القضاء خلال الأيام القليلة المقبلة، في اثنين على الأقل من بين الملفات الثلاثة المتهم فيها بالفساد، حيث يُنسَب له سلسلة تهم أخطرها تلقي الرشوة وخيانة الأمانة.

وذكرت وسائل إعلامية عبرية أنه من المتوقع أن يصدر المستشار القضائي قراره بشأن نتنياهو أواخر الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، حيث يخضع نتنياهو للتحقيقات في عدة قضايا تعرف الأولى باسم "الملف 4000"، وتتعلق القضية بتقديمه تسهيلات ضريبية لشركة الاتصالات الإسرائيلية "بيزك"، بقيمة 276 مليون دولار، مقابل قيام موقع "واللا" الإخباري العبري، المملوك للمدير العام السابق للشركة، ومالكها شاؤول ألوفيتش، بتغطية إخبارية إيجابية لصالح نتنياهو وأسرته.

أما القضية الثانية، فتعرف باسم "الملف 1000"، وتتعلق بحصول نتنياهو على رشاوى في شكل هدايا، من رجل أعمال يدعى أرنون ميلتشين، مقابل التوسط له للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة مدتها عشر سنوات، وكذلك تسهيل استحواذ ميلتيشن، على محطات تلفزيونية إسرائيلية.

والقضية الثالثة تحمل اسم "الملف 2000"، وتتعلق بقيام نتنياهو بمساومة ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية له ولأسرته، مقابل التضييق على صحيفة "إسرائيل اليوم" المنافسة لـ"يديعوت أحرونوت".

سيناريوهات متعددة

وأوضح رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة حيفا، البروفيسور محمود يزبك، أن موقف المستشار القضائي لحكومة الاحتلال هو موقف مبدئي يصعب التراجع عنه، وتم الإعلان عنه منذ إعلان نتنياهو عن الانتخابات المبكرة قبل أشهر.

وذكر يزبك لصحيفة "فلسطين"، أن المستشار يريد التأكيد أنه لا يرتبط بمعطيات السياسة الإسرائيلية من ناحية اقتراب الانتخابات، مشيرا إلى أن خطة نتنياهو بالهروب للأمام من ملاحقته قضائيا مكشوفة ولن تكون ذات فائدة تذكر.

وبين أن تراجع المستشار القضائي تحت أي ظرف من الظروف سيخدم نتنياهو من جهة، ولكنه سيضع تساؤلات حول مهنية واستقلالية المستشار، منبهًا إلى أن هذا الأمر مستبعد وغير قابل للتحقق عل أرض الواقع لأن المستشار لن يقبل بالمقامرة في مستقبله وسمعته من أجل نتنياهو، وان كان الأخير رئيسا للحكومة، أي أنه يضطلع بدور المسؤول الأعلى له.

وأوضح يزبك أنه في حال تم اثبات التهمة والصاقها بنتنياهو فان شعبية حزب الليكود قد تتأثر إلى حدود نسبة 5% تقريبا، لذلك لجأ نتنياهو إلى التحالف مع الأحزاب اليمينة المتطرفة لتعويض التقلص المتوقع في كتلته الحزبية.

وذكر أن لائحة الاتهام التي غالبا ما سيتم تقديمها، لم تكن كافية لإخضاع نتنياهو على ركبتيه وإخراجه من الحكومة، بل سيطلب من القضاء تحديد جلسات استماع له قد تستغرق عامين تقريبا، وفي حال انتهت تلك الجلسات إلى تقديم إتهام عملي، حينها سيوجب ذلك على نتنياهو الاستقالة من الحكومة إن كان رئيسا لها في حينه.

وأشار يزبك إلى أن القانون الاسرائيلي لا يجبر نتنياهو على الاستقالة طالما لم يتم اتهامه رسميا، لكن بعض الأحزاب الاسرائيلية أعلنت أنها لن تقبل أن تشارك في حكومة يترأسها شخص يتم التحقيق معه بتهم فساد.

وذكر أنه برغم ذلك، فإن الفترة القادمة لن تشهد تنحي نتنياهو عن رأس هرم حزب الليكود والأحزاب المتحالفة معه، نظرا لعدم وجود شخصية قوية تحل محله، وأيضا للحفاظ على تماسك هذه الكتلة الحزبية بما يضمن خروجها بعدد جيد من المقاعد يتيح لها تشكيل الحكومة أو أن تكون العنصر الأهم فيها.

نتنياهو مأزوم

وأكد أستاذ الفلسفة في جامعة القدس البروفيسور سعيد زيداني، أن الإصرار من قبل المستشار القضائي لملاحقة نتنياهو، وضع الأخير في موقف صعب، فمن جهة لن يستطيع نتنياهو أن يتدخل في عمله بسبب حساسية القضية، ومن جهة أخرى فإن تقديم اتهام نهائي يعني عمليا انتهاء مستقبل نتنياهو السياسي.

وأشار زيداني لصحيفة "فلسطين" إلى أنه على الرغم من وضع نتنياهو المأزوم، فإن استطلاعات الرأي ما تزال تعطيه أسبقية واضحة على بقية الأحزاب والكتل السياسية، بسبب غياب كتلة مضادة حقيقية أولًا، وثانيًا لأن نتنياهو يجيد اللعب على وتر العاطفة لدى منتسبي الليكود والأحزاب المتحالفة معه.

وبيَّن أن نتنياهو يستند في ذلك إلى ذوق سياسي فاسد للمجتمع الإسرائيلي، ففي الوقت الذي يتم فيه محاسبة نتنياهو على تجاوزته، فإن المجتمع الإسرائيلي ما زال يمنحه نسبة لا بأس بها من التأييد.

ورأى زيداني أن نتنياهو خطا خطوة استباقية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور، فقام بإنشاء تحالفات مع الأحزاب اليمينية المتطرفة، وإعطائها بعض الوعود حول المناصب الحكومية في حال نجاحهفي الانتخابات القادمة.

وأوضح أن الإعلام العبري يتحدث عن أن نتنياهو في حال فوزه بالانتخابات القادمة ولم يتم تقديم اتهام بحقه بعد، فإنه سيحاول تمرير قانون لمنع محاكمته استنادا إلى أن مصالح "الدولة العليا" ستكون في خطر إذا ما شغر المنصب أو تم الإخلال بالائتلاف الحكومي.

وتوقع زيداني أن تقوم الأحزاب المنافسة لليكود بالضغط بقوة لإنهاء منصب نتنياهو في الحكومة، سواء تم تقديم الاتهام بشكل رسمي أو لم يتم، تحت دعوى أن نتنياهو الملوث بالفساد والرشوة لا يمكن أن يحقق مقاصد الحكم النزيه في دولة الاحتلال.