فلسطين أون لاين

"هبة باب الرحمة".. انتصار مقدسي جديد أمام التهويد الإسرائيلي

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ خضر عبد العال:

في كل مواجهة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسياساتها التهويدية في مدينة القدس المحتلة، يثبت المقدسيون تمسكهم بالمسجد الأقصى وكل المقدسات الإسلامية في المدينة، وهذه المرة يحققون انتصارًا جديدًا على السلطات التي أغلقت البوابة الخارجية المؤدية لمصلى باب الرحمة أحد أبواب الحرم المقدسي.

ومنذ أيام يشهد محيط باب الرحمة احتجاجات واسعة ضد إغلاق البوابة الخارجية المؤدية إليه، ما دفع المصلين لأداء جميع الصلوات أمام البوابة خلال اليومين الماضيين، للمطالبة بفتحها، مع تطور المطلب إلى فتح مصلى الرحمة وقاعاته، ليتم فتح هذا المصلى لأول مرة منذ 16 عاماً أمام المصلين.

وكان مجلس الأوقاف الإسلامية دعا الخميس الماضي للاحتشاد والرباط في الأقصى منذ فجر الجمعة حتى العشاء في "هبة باب الرحمة" لإيصال رسالة حاسمة للاحتلال مفادها بأن المسجد الأقصى خط أحمر لا يمكن المساس به تحت أي ظرف من الظروف.

الباحث المقدسي جمال عمرو، أكد أن هذا انتصار لم يأت من مرحلة الصفر، بل جاء بعد تراكم عدة انتصارات في سبيل مواجهة التهويد الإسرائيلي للمدينة المقدسة، مشيرًا لانتصار المقدسيين في "موقعة باب الأسباط" حين أجبروا الاحتلال على رفع البوابات الالكترونية من أمام الحرم المقدسي.

ولفت عمرو خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أنه بعد انتصار البوابات الالكترونية، تفرد الاحتلال بأهالي القدس، ففرض الضرائب الباهظة، وسياسة هدم البيوت الذاتي، مضيفًا: "حينها أصبح المقدسيون ينتهجون العمل الجماعي لأنه يشكل رافعة لهذا الظلم ورادعًا لهذا الإجرام".

وروى أحداث جمعة "هبة باب الرحمة" بقوله: "في فجر الجمعة اعتقل الاحتلال نحو 60 ناشطًا مقدسيًّا ظنًّا منه أنهم "دينمو" الحراك الشعبي، لكن خاب أمله، وما حصل بعد ذلك أن 60 ألف مصل شاركوا في هبة باب الرحمة، وهذا الأمر الذي أصاب الاحتلال في مقتل".

وأوضح أن هذه الجموع حالت دون قدرة الاحتلال على إرسال أي تعزيزات من أجل التصدي للمصلين، بل أجبرته على الانسحاب قبل صلاة الجمعة.

وقبيل صلاة الجمعة، صدحت حناجر عشرات الآلاف من المصلين بالتكبير أمام باب الرحمة في المسجد الأقصى، وفي الأثناء تسابق العشرات منهم لفتحه أمام جموع المصلين غير آبهين بمضايقات الاحتلال وإجراءاته القمعية.

"لن تركع أمةٌ قائدها محمد" دوّى صدى هذا الهتاف ساحة مصلى الرحمة بعدما دخله المصلون لأول مرة بعد إغلاقه قسرًا عام 2003 من قوات الاحتلال بذريعة وجود مؤسسة غير قانونية فيه، وجددت أمر الإغلاق سنويًّا منذ ذلك الحين، وأقرت محكمة الاحتلال في العام 2017 باستمرار إغلاقه.

ثم علت أصوات الفلسطينيين بشعار "ع الأقصى رايحين شهداء بالملايين" "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" فرحةً بإنجازهم فتح باب الرحمة.

وعقب خطبة وصلاة الجمعة، رفع فلسطينيون علم بلادهم فوق باب الرحمة، ورددوا هتافًا للمقاومة الفلسطينية وللقائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف: "حط السيف قبال السيف.. إحنا رجال محمد ضيف"، في رسالة للاحتلال مفادها أن المقدسيين لن يتركوا المقاومة التي لن تسمح للاحتلال بالمساس بمقدساتهم.

وحسب عمرو فقد تمكن المصلون من تحطيم البوابة الثانية وهي بوابة التوبة.

وتفاعل الفلسطينيون في شتى أماكن وجودهم مع هذه الأحداث، حيث غرد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعدة أوسمة محذرين من إجراءات الاحتلال، ومؤكدين على تواجدهم في جمعة باب الرحمة كما أسماها المقدسيون.

وكانت أبرز الأوسمة "#باب_الرحمة_إلنا" و"#هبة_باب_الرحمة" و#مصلى_باب_الرحمة".

الدرع الواقي

بدوره، وصف مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، ما حققه المقدسيون من فتح لباب الرحمة بـ"الإنجاز"، مؤكدًا أن ذلك تحقق بسواعد المرابطين والمقدسيين وسيتم المحافظة عليه حتى لو حاول الاحتلال إعادة إغلاقه.

وقال الكسواني في تصريح لـ"فلسطين": "لقد أثبت المصلون أنهم الدرع الواقي المدافع عن المسجد الأقصى الذي يستحق أن يُسكن حوله عملاً بوصية رسول الله".

وأوضح أن المحافظة على هذا الإنجاز تبدأ من هذا الأسبوع، حيث ستبدأ عمليات ترميم باب الرحمة من الأوقاف ولجنة الإعمار ليعود كما كان أحد المصليات التي يصلي بها المسلمون في المسجد الأقصى كـ(المصلى المرواني، والمصلى القديم).

وأضاف: "فتح باب الرحمة لا يحتاج إلى إذن من الاحتلال، فالسيادة الكاملة للمسلمين، ومن حق كل المسلمين أن يؤدوا صلاتهم في أي مكان في الحرم المقدسي الذي يبلغ مساحته 144 دونمًا".

وأكد أن الاقتحامات المتواصلة التي ينفذها الاحتلال بقوة السلاح "لا ولن تعطيه أي حق بما يفعله من جولات استفزازية داخل ساحات الأقصى".

وشدد على أنه "إذا ما أقدم الاحتلال على إعادة إغلاق باب الرحمة، فإنه سيتحمل كامل المسؤولية لما سيحدث من أحداث وتوتر"، مطالبًا جميع شعوب العالمين العربي والإسلامي بتحمل مسؤولياتهم تجاه الأقصى بحمايتهم وتعزيز صمود المقدسيين.