فلسطين أون لاين

​عندما تغضب زوجتك لا تتردد في "قلب الطاولة"

...
والمرأة تتحمل أعباء كثيرة جدًّا
غزة/ نبيل سنونو:

كان السؤال الذي واجهه نواف الحيلة الذي يعمل محاسبًا كفيلًا بجعله يتوقف عن المسير والتفكير لوهلة: "كيف تتصرف عندما تغضب زوجتك؟".

الرجل المتزوج منذ 1992م يضرب مثلًا عندما أصاب زوجته الغضب ذات يوم فاصطحبها إلى مكان بعيد عن الأبناء حتى يعاتبها، قائلًا: "الأولاد أهم شيء في الدنيا، إنهم يبقون في رقبتك ولابد أن تراعي شعورهم".

لكن هذا ليس التصرف الوحيد في هذه الحالة، فهو يضع بين الخيارات لمواجهة غضب زوجته حال وقوعه الخروج من المنزل، يفسر ذلك بقوله: "ستتعب وأنت ترد عليها، هي أقوى منك بالصوت، لكن أنت أقوى منها بالحكمة، فتعالج الأمر سريعًا، وتخرج من البيت، ثم تعود وقد هدأت".

وفي كل الحالات، يحرص الحيلة -وهو أب لخمس بنات وولدين- على تجنب المشكلات مع زوجته، وعدم إثارة المزيد من الغضب.

"إن غضبت مثلها فسيقول الأولاد: أبي وأمي يختلفان، ما يؤثر على حالتهم النفسية كثيرًا" يتابع كلامه لصحيفة "فلسطين".

ويعارض الحيلة بشدة ما يتمسك به بعض من اعتقادات أو عادات تشجع الرجل على "رد الصاع صاعين" بصفته "ذكرًا"، واصفًا ذلك بالخطأ والكلام الفارغ الذي ينم عن "قلة فهم"، ويذكر بقواعد المساواة بين المرأة والرجل.

أما السبيل الوحيد الذي يتبعه تحسين دياب (55 عامًا) لمواجهة غضب زوجته -إنْ حدث- فهو مغادرة البيت.

"العلاقة بيني وبينها أكبر من أن أتعامل معها بردة فعل، لو رفعت صوتها" يقول دياب لصحيفة "فلسطين"، مذكرًا أن زوجته تتعب كثيرًا وهي تخدمه وتفعل كل شيء لأجله، وهو ما يستدعي استيعاب غضبها.

حتى إن بقيت على غضبها عند عودته إلى المنزل، واضطرا إلى التجانب يومًا واحدًا، فهما يستيقظان صباحًا، وكأن شيئًا لم يكن.

وتنعكس طبيعة التعامل بين دياب وزوجته -حسبما يؤكد- على أبنائهما، وهم خمسة أولاد وبنت.

ويقول الغزي المتزوج منذ 1989م -وهو صاحب شركة مقاولات-: "يلاحظ أبنائي كيف تعاملني زوجتي طريقة حسنة، إلى درجة أن ذلك يثير غيرة بعض المتزوجين".

"حسب المزاج"

لكن رد فعل الشاب يحيى أبو صافي (37 عامًا) يختلف عن سابقيه، ويعتمد على "مزاجه"، كما يوضح لصحيفة "فلسطين".

يقول أبو صافي الذي يعمل تاجرًا وله ثمانية أبناء: "حسب مزاج الإنسان، إذا كان هادئًا يمكن أن يضحك ويرضي زوجته، وإذا كان متوترًا من الوضع الاقتصادي الصعب في غزة يمكن أن تكون لكل فعل ردة فعل".

ماذا عن وجهة نظر الخبراء في هذه القضية؟، يجيب عن ذلك أستاذ علم الاجتماع د. أمين شبير، الذي يوضح أن على الرجل في حال غضب زوجته لأي سبب أن يستغفر الله ويدعو لها، ويغير جلسته أو وقوفه، ويؤجل الرد.

ويحذر شبير في "دردشة" مع صحيفة "فلسطين" من أن الرد الفوري قد يعود بأضرار سلبية.

وإذ يؤكد ضرورة حرص المرأة على عدم الغضب في وجه زوجها يذكّر بالظروف الاجتماعية الضاغطة، وأهمية أن يراعي كل منهما الآخر، لاسيما إذا كان بينهما أبناء.

"والمرأة تتحمل أعباء كثيرة جدًّا، خصوصًا إذا كان الرجل غير قادر على توفير مستلزمات البيت والأولاد، لذلك عليه أن يتحمل، كما أن على الزوجة التحلي بالهدوء، لأن "عليها السمع والطاعة في حدود أوامر الله"، في حين عليه توفير احتياجاتها الأسرية والاجتماعية"، والحديث لخبير علم الاجتماع.

ويصف الاعتقادات أو العادات التي يتمسك بها بعضٌ وتدعو الرجل لأن يكون حاسمًا مع المرأة بأنها "نعرة ذكورية"، مشيرًا إلى أن الطرفين تفاهما في مدة الخطوبة، وربما يكون الرجل قد أرسل وساطات حتى تقبله هذه الزوجة، فلا يمكن أن يأتي بعد ذلك ليمارس عليها العنف في لحظة غضب في الحياة الأسرية.

وينبه شبير الأزواج إلى أن رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يعامل زوجاته بالعدل والرحمة، وقد أوصى بالنساء خيرًا.

ويحذر الأزواج من أن علاقاتهم تؤثر على الأبناء؛ فإن كانت الزوجة معنفة ومقهورة فستكون شخصياتهم مهزوزة.

وينصح شبير الرجال بأن يتوددوا إلى نسائهم ويتحاوروا معهن، والحرص على ألا تتكشف أسرار حياتهم أمام الآخرين.

وإذا كان ثمة ما يتفق عليه جميعهم فهو ألا يتردد الرجال في "قلب الطاولة" على أي اعتقاد أو عادة تتسلل إلى نفوسهم وتدفعهم إلى تعنيف زوجاتهم؛ فلا ضمان لحياة هادئة ومستقبل مشرق للطرفين وأبنائهما مستقبلًا إلا الحب، والدفع بالتي هي أحسن.