فلسطين أون لاين

​خبراء: إنشاء صندوق استثماري مشترك ضروري لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني

...
غزة - رامي رمانة

أكد خبراء اقتصاديون أهمية إنشاء صندوق مشترك " عربي- فلسطيني" لتمويل مشاريع استثمارية داعمة للاقتصاد الفلسطيني، مشددين على ضرورة أن توجه بوصلة التمويل نحو الانتاج الحقيقي المنعش لمختلف القطاعات الاقتصادية الفلسطينية للمساهمة في التخفيف من وطأة البطالة، وألا تذهب تلك الأموال نحو توظيف مالي كما هو الحال المتبع لدى غالبية البنوك التجارية.

وحمل مؤتمر "واقع القطاع المصرفي الفلسطيني: الفرص والتحديات" الذي نظمه اتحاد المصارف العربية قبل أيام في الأردن مجموعة من التوصيات والقرارات الهامة، أبرزها توجه مصرفيين ورجال أعمال فلسطينيين وعرب لإنشاء صندوق استثماري عربي- فلسطيني، لتمويل مشاريع استثمارية داعمة للاقتصاد الفلسطيني، على أن يوزع عائده على ممولي الصندوق.

وصندوق الاستثمار: هو "وعاء مالي يمتلكه الآلاف من المستثمرين، ويكون رأس مال الصندوق مدعوما بالملايين، ويدار بواسطة خبراء متخصصين يقومون بعمل دراسات عن أفضل الشركات التي يمكن الاستثمار بها لضمان أفضل عائد ممكن".

وتعتبر صناديق الاستثمار وسيلة أكثر ملاءمة لصغار المستثمرين باعتبار أن الصندوق يحتوي على العديد من الأسهم والسندات, فبالتالي يحصل المستثمر على ميزة التنويع ومخاطر أقل نسبيا من الاستثمار المباشر في البورصة.

الخبير الاقتصادي د. فاروق دواس يقول إن طرح الفكرة بحد ذاتها أمر مهم، فيما التطبيق هو الأهمية ذاتها، نظراً لحاجة الأراضي الفلسطينية لمثل هذه الصناديق.

وبين في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن معظم الاستثمارات الموجهة للفلسطينيين تدرج في اطار التوظيفات المالية "مال يولد مالا" دون أي إضافة حقيقية للاقتصاد .

وأكد في الوقت ذاته على تعطش الحالة الفلسطينية لأموال المستثمرين في القطاعات الانتاجية" الزراعية – الصناعية- التجارية- الخدماتية" لتزويد المشاريع الصغيرة، والمتوسطة والمتناهية الصغر بقروض ميسرة ذات فائدة صفرية أو محدودة، تشجع طبقة النساء، العمال، والشباب على تنفيذ المشاريع الخاصة بهم.

وبين أن غالبية البنوك التجارية الموجودة في الأراضي الفلسطينية قائمة في أعمالها على قاعدة التوظيف المالي من أجل الربح، معتمدة على الأصول والخصوم.

وقال:" إن تلك البنوك تأخذ الودائع وتوظفها لكي تحقق فوائد على أساس الربا بنسب مئوية معينة، مما يترتب على ذلك تضخماً في الأوراق المالية، وهذا يعمل على فصل رأس المال النقدي عن المال الانتاجي، ويصبح رأس المال النقدي معتمداً على العرض والطلب، لتنفصل بذلك النقود عن مهمتها الأساسية التي أنشئت لأجلها وهي تسيير عملية التبادل، فأضحت وسيلة الثراء والاكتناز مما أدى إلى التضخم ، وأنقص القوة الشرائية للنقود وأفقد قيمتها".

وأكد دواس أهمية اشتراك مستثمرين عرب بجانب الفلسطينيين في الصندوق، نظراً لحجم المخاطرة الكبير بسبب المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، ولتفادي العراقيل والموانع الإسرائيلية.

ونوه إلى فشل تجارب سابقة في دول عربية وأجنبية، بسبب ابتعاد تلك الصناديق عن ملامسة الاحتياج الفعلي للمواطنين، والظروف المتقلبة في تلك الدول، وخضوع النظم الاقتصادية العربية والدولية لشروط وإذعانات بنك النقد الدولي والمؤسسات الدولية المالية الأخرى.

وتعمل صناديق الاستثمار على النحو التالي: يصدر الصندوق مقابل أموال المستثمرين أوراقا مالية في صورة وثائق استثمار اسمية بقيمة واحدة، وتتغير قيمة الاستثمار في الصندوق الاستثماري تبعا للزيادة والنقصان في أسعار الأسهم والسندات التي يتكون منها الصندوق، وتعتمد قيمة الصندوق على عائدين هما نسبة الزيادة في سعر الوثيقة، والتوزيع النقدي الذي يحدده مدير الاستثمار.

من جهته يقول الخبير الاقتصادي د. سمير عبد الله، إن إنشاء صندوق استثماري مشترك مهم جداً لتنفيذ مشاريع استثمارية ذات بعد استراتيجي يحتاج لها القطاع الخاص والعام في الأراضي الفلسطينية، مثل تنفيذ مشاريع بنى تحتية في المياه، الكهرباء، الطرق، وإنشاء منشآت تعليمية صحية وغيرها واقامة مصانع وورش عمل وشركات.

وبين عبد الله الذي حضر المؤتمر أن طرح "انشاء الصندوق" جاء من الطرف الفلسطيني المشارك في المؤتمر، والذي اقترح بأن يتم تخصيص 10% من رأس مال البنوك العربية والفلسطينية أو جزء من الألف لصالح انشاء صندوق استثماري فلسطيني- عربي يقدم استثمارات متوسطة وطويلة المدى تمتد لأكثر من عشر سنوات.

وشدد في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن مشاركة البنوك في انشاء الصندوق تعد دافعا لبعضها البعض ،لأن عنصر المخاطر سيكون موزعاً، حيث إن التمويل سيكون موجهاً للأراضي الفلسطينية غير المستقرة سياسياً واقتصادياً.

وعن العراقيل الإسرائيلية بين أنه يمكن تفاديها عبر انشاء الصندوق خارج الأراضي الفلسطينية، لتوفير حرية الأفراد والمعاملات المالية، في المقابل أن يتم فتح عدة أفرع لهذا الصندوق في الأراضي الفلسطينية.

وترجع نشأة صناديق الاستثمار نتيجة لظهور شركات الاستثمار في القرن التاسع عشر في هولندا، ومنها انتقلت إلى فرنسا ثم إلى بريطانيا، والتي كانت آنذاك في مقدمة الدول الصناعية، وظهرت صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة لأول مرة في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، وقد صدر قانون خاص لتنظيم تكوينها ونشأتها وإدارتها في العام 1940 م، والذي عُرف حينئذ بقانون شركات الاستثمار.