شهد البرلمان الأوروبي قبل أيام جلسة استماع لنتائج زيارة اللجنة البرلمانية الأوربية إلى الأراضي الفلسطينية، وتطرق إلى الحديث عن حركة حماس وإمكانية إجراء حوار معها، وأعرب النائب جيل بارجينو عن أمله في عقد حوار بين حماس والاتحاد الأوروبي لتكون حماس جزءًا من الحل، لكن ذلك التوجه يصطدم بعقبة التبعية الأوربية للإدارة الأمريكية، ولكن يبقى السؤال: هل زمن ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي سيشهد تراجعاً في مستوى التبعية الأوربية للإدارة الأمريكية؟، وهل أخطأ الغرب بتصنيف حماس منظمة إرهابية؟
بدأ يتشكل يقين راسخ لدى الدول الغربية والإقليمية بأن تكلفة احتواء حماس أقل بكثير من إقصائها، ولكن يصطدم التصور الجديد بمسألة قانونية تتمثل في إدراج حركة حماس منظمة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ما يدفع تلك الدول إلى خيار الاستماع عن حركة حماس، لا الاستماع من حماس، وهذا يناقض الشفافية لدى تلك الدول، وعندما تحاول تلك الدول إجراء لقاءات مع حماس تكون تلك اللقاءات سرية، ودون نتائج ملموسة من شأنها تعزيز التيار البراغماتي داخل الحركة الإسلامية.
قرار تصنيف حماس منظمة إرهابية جاء بعد ضغوط صهيونية على الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وكانت ذريعة الكيان العبري حينها موجة العمليات الاستشهادية في أراضي الـ(48)، والمتغير الجديد الذي يجب أن تأخذه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الحسبان هو قرار حماس منذ أكثر من عشر سنوات وقف العمليات الاستشهادية، والالتزام بهذا القرار، بل أكثر من ذلك بدأ مسؤولون إسرائيليون يغازلون حركة حماس، وطلب فتح قنوات اتصال معها، وهذا ما صرح به أكثر من مسئول سياسي وأمني إسرائيلي، وكان أهمها تصريح رئيس الكيان العبري ريفلين خلال جولته بالمنطقة الشمالية في 27/5/2015م.
فهل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر ملائكية من الكيان العبري، الذي عمل بكل أدواته لوضع حماس بقوائم الإرهاب الدولي؟، أعتقد أن حركة حماس والديمقراطية الفلسطينية وقع عليهما ظلم تاريخي يتناقض هو وقيم الغرب، ولكن البقاء على الخطأ خطيئة والتراجع عنه فضيلة، ومازال من الوقت متسع لتصويب المسار بما يضمن الالتقاء مع حماس والمقاومة الفلسطينية ضمن مسار سياسي جديد يعيد الحقوق الوطنية المسلوبة بما ينسجم وقرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي الإنساني.
يشهد قطاع غزة زيارات عديدة لدبلوماسيين غربيين، ويلتقي بعضهم بشكل متكرر قيادات من حماس، ولكنهم يرفضون التقاط الصور أو إعلان تلك الزيارات، والسبب يعود إلى قرار دولهم إدراج الحركة على قوائم الإرهاب، وهذا التوجه يضعف السياسة الدولية بمنطقة الشرق الأوسط نظراً إلى ما تمثله حركة حماس بالوعي الجمعي العربي والإسلامي، حتى لدى أحرار العالم.
إن حماس حالها كحال باقي الحركات السياسية بالعالم، لديها مدارس وتيارات متعددة ومتنافسة، وبقاء حصارها وعزلها يعززان من تشدد تيارات فيها، وهذا لا يخدم كل طرف يبحث عن الأمن والاستقرار العالمي بمنطقة الشرق الأوسط، وربما وصل عرّاب الرباعية الدولية طوني بلير متأخراً إلى هذه النتيجة، وكان ذلك في لقاء عقد بالدوحة مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل.
إن ما يجري بالمحيط الإقليمي والدولي من ازدواجية معايير وظلم واستبداد يشكل أفضل حاضنة للتطرف والإرهاب، وهذا تجسّد بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعلى الدول الغربية أن تعي جيداً أن كسر إرادة الشعوب والحركات الأيديولوجية سياسة خطأ، وأن الصواب يكمن في الالتقاء ورفع الظلم عنها، والعمل معاً لبناء الدولة العصرية التي تشكل منطلقاً للاستقرار وسيادة القانون، فهل سيعمل الغرب على تجاوز الخطيئة التاريخية، وسيصبح أكثر انفتاحاً على حركات المقاومة الفلسطينية، ورفعها من قوائم الإرهاب الدولي؟، وهل سيدرك الرئيس محمود عباس خطورة بقاء الانقسام، بعد قرار الاتحاد الأوربي وقف تمويل رواتب موظفي غزة المستنكفين بقرار رئاسي؟