وصف السيد بينيس نائب الرئيس الأمريكي في مؤتمر وارسو المجتمعين بأنهم كسروا الخبز معا، لقد كسروا الخبز معا في اللقاءات الحميمة التي جرت حيث اجتمع القادة في حلف داعم لدولة الاحتلال وصار بينهم خبز وملح على عادة العرب في حفظ الود وحقوق الصحبة المباركة، وقد تُرك لهذه الدولة الصديقة "دولة الاحتلال"! تحديد الصديق من العدو، فتبنى الجميع عداء عدوها اللدود "إيران"، بعد أن كسروا الخبز معا، وقد كسرت هذه الدول العربية أشياء كثيرة قبل أن تكسر خبزها في وارسوا، نذكر منها الآتي:
•لقد كسرت قلوب شعوبها مرتين، مرة وهي تدير ظهرها للقضية التي تدّعي منذ عقود بانها قضية العرب الاولى وتتخلى علانية عن آمال وطموح شعوبها وتطيح بها بضربة واحدة، ومرة ثانية وهي تتحالف مع عدوة شعوبها ومحتلة قدسها وقلب أمتها الذي ينزف دما منذ اكثر من سبعين عاما.
•لقد كسرت قواعد اللعبة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية في المنطقة، كسرت مؤشر البوصلة وحرفت قبلتها، لم يعد التناقض ومعادلة الصراع هي ذاتها التي تعاهدت عليها شعوب ودول المنطقة، اختلت قواعد ومبادئ أقيم على أساسها مناخ المنطقة، لقد توجه هذا المؤتمر إلى صلب هذا المناخ ليزرع فيه ريحا سموما لا تبقي ولا تذر مما كان سابقا، اليوم مرحلة جديدة لم يعد فيها الصديق صديقا ولا العدو عدوا، فايران أشد عداوة من الذين قالوا انا صهاينة، فلم لا وهم يصنفون من قبل هذا الولي الحميم بأنه أعتى أعداء المنطقة.
•لقد كسروا بهذا ماء وجوههم إذ كان لهم هامش لحفظ ماء الوجه أمام شعوبهم، كان لهم صورة نوعا ما مقبولة للاستهلاك المحلي كما وصف ذلك وزير خارجية أمريكي سابق عندما سئل عن الزعماء العرب في تصريحاتهم التي تطالب بالدولة الفلسطينية في حين هم وراء الكواليس لا يطالبون، فقال عن هذه التصريحات بانها للاستهلاك المحلي. لم يبقَ في وجوههم ماء وصورهم مع ابن العم نتنياهو تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، وزير الخارجية اليمني ما شاء الله عليه يقدم لاقط صوته لابن العم بروح رياضية وسماحة عربية منقطعة النظير، والعماني يعتبر الذين يعرضون الاحتلال أنهم شيء من الماضي، ماذا بقي في عروقهم من دم وفي وجوههم من ماء أمام شعوبهم؟
•لقد كسروا بكسر خبز وارسو شرعية حكمهم لشعوبهم، شعوبهم التي تكره الاحتلال وتكره كل من يتقرب من هذا الاحتلال ويخفض جناحه له، لقد كُسرت الصورة التي يُراد لها أن تكون مشرقة أمام شعوبها فإذا بها تُصاب بكسوف كلي، تُحاط بقطع الليل المظلم فلا يبقي لها أي بصيص نور أو حياء أو خجل. لقد أظلمت الصورة وأصبحوا أمواتا قبل اعلان موتهم، سيبقى هذا المؤتمر ليلا حالكا يُسوّد عروشهم إلى أن يبزغ فجر حرية جديد على هذه الشعوب التي رأت كل شيء، رأت حالة الاستحمار الصهيوني لهؤلاء الحكام الذين رضوا لأنفسهم كل هذا الذل وكل هذا الهوان.
الحديث عن مؤتمر وارسو واضح وضوح الشمس ولكن ماذا عن الفصائل التي اجتمعت في موسكو؟ جماعة وارسو كسروا الخبز بينهم، فماذا فعلت جماعة موسكو التي اجتمعت على الخبز الفلسطيني وملحه وزيته منذ أن كانت فلسطين، يحتفلون هناك بأكل الخبز معا مرة واحدة أو لنقل انه قد سبقها عدة مرات سرًّا، فماذا أنتم فاعلون بخبزكم الذي تقاسمتموه على كل شبر وتحت كل شجرة وأمام كل برش في السجون وخنادق الثورة والمقاومة؟
إن الامر لمؤلم أن يتفق من اجتمعوا لتصفية القضية في حين لا يتفق من اجتمعوا على إنقاذ القضية، بالله عليكم لا تقولوا اختلاف برامج ورؤى ومبادئ، كلكم متفقون على رفض صفقة القرن فلتبحثوا على ما تعملون عليه في هذه المرحلة السوداء، ابحثوا عن قطرة زيت بين خبزكم وملحكم وأشعلوها علها تبدد شيئا من هذا الظلام الذي يرمونكم به أعداؤكم.