لم يعد والد الشهيد زاهر طلالة، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، قادرًا على توفير أدنى مقومات الحياة لأطفاله وزوجته، كصباح كل يوم.
يحاول إسماعيل طلالة، بعد أن قطعت السلطة راتب ابنه الشهيد، تدبر أوضاعه وتوفير لقمة العيش لأسرته، إلا أنه فشل في ذلك ما اضطره للاعتصام أمام مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى التابعة لمنظمة التحرير، غرب مدينة غزة، للمطالبة بإعادة صرف راتبه، برفقة المئات ممن قطعت السلطة رواتبهم.
واستشهد "طلالة" بعد قصف الاحتلال منزلًا قريبًا منه، شمالي القطاع عام 2006، بعد محاولته جلب احتياجات عائلته من المأكل والمشرب.
ويشير السبعيني "طلالة" لصحيفة "فلسطين"، إلى أنه بعد استشهاد نجله فقدت أسرته معيلها، "فأنا غير قادر على العمل بسبب تقدمي في العمر، ولا أقوى على العمل، فبتنا دون مصدر دخل، خاصة بعد أن قطعت السلطة راتب الشهيد".
ويزداد العبء على والد الشهيد بمرور الأيام، في ظل احتياجات أسرته التي لا تتوقف، لافتًا إلى أنه بات غير قادر على توفيرها بعد قطع راتب الشهيد، فمعظم أفراد أسرته -البالغ عددها 10- أفراد على مقاعد الدراسة.
ويبلغ الراتب الشهري الذي يحصل عليه "طلالة" 1400 شيقل، ورغم قلته إلا أنه يساهم في توفير جزء من احتياجات عائلته.
وأجبر تدهور الأوضاع الاقتصادية عددًا من أبناء "طلالة" ترك دراستهم والبحث عن عمل لسد رمق أسرتهم، لكن تأزم الأوضاع المتواصل بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 12 عامًا جعلهم ينضمون تباعًا لجيش البطالة.
"وما زاد الطين بلة"، وفق طلالة، أن المحلات التجارية التي اقترض منها في الأيام الماضية وفور علمها بأن السلطة أقدمت على قطع راتب نجله الشهيد، توقفت عن إقراضه وباتت تطالبه بسداد ما تراكم عليه من ديون، ما دفعه لقطع مسافة طويلة من منزله في جباليا إلى مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى سيرًا على الأقدام؛ لمطالبة السلطة بإعادة راتبه.
وتنتظر عائلة طلالة، كغيرها من عوائل الشهداء الجرحى، أن تستجيب السلطة لمطالبهم وتعيد صرف رواتبهم، ومساواتهم أسوة بغيرهم، وتجنيبهم التسول لتوفير احتياجات أسرهم، لا أن تكون كمن يلف المشنقة على رقاب أطفاله.
وكانت السلطة قد قطعت مطلع فبراير/ شباط الجاري، رواتب ما يزيد عن 5000 من موظفيها ومئات آخرين من الأسرى والجرحى وذوي عوائل الشهداء في غزة.
وسبق ذلك فرض عباس سلسلة من الإجراءات العقابية في إبريل/ نيسان 2017 على قطاع غزة، شملت خصم 50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص إمدادات الكهرباء والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد الإجباري، وسط تفاقم أزماته وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية.