غزة التي إن حوصرت وضُيّق عليها وأطبق الحصار أكثر فأكثر فإنها تعلن عن صبرها ومواجهتها لكل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية، كلما ضغط عليها ستكون عرضة للانفجار في وجه الاحتلال، وأن خيار مسيرات العودة استراتيجي لا رجعة عنه، بهذه الرسائل خرج عشرات الآلاف في الجمعة 47 لمسيرات العودة والتي حملتعنوان "غزة عصية على الانكسار.. غزة عصية على الانفصال".

على مدخل ميدان العودة شرق غزة ارتدى الكثير من المشاركين عصبا على الرأس مكتوب فيها باللغتين العربية والانجليزية "ارفعوا الحصار"، اللافت في هذه الجمعة هي تضاعف أعداد المشاركين عن الجمع السابقة، مما يحمل عدة رسائل ذات دلالات سياسية.

لن تركع أو تنكسر

يقول محمد غزال (45 عاما): غزة عصية على الانكسار، ولن تركع للمحتل بفعل ما يفرضه من حصار وتضييق على الشعب الفلسطيني، وهي لن تجوع كما كل حرة في العالم تجوع ولا تأكل بثدييها.

ويضيف غزال لصحيفة "فلسطين": "غزة بوابة الصمود والثبات والتحرير، بوجه تلك المشاريع، وهي جزء أصيل من الوطن، لن تنفصل ولن تنكسر وستظل جزءًا كبيرا منه".

حملت مشاركة الخمسيني "أبو صالح" وأسرته في مسيرات العودة رسالة تحدٍّ وصمود قائلا: "غزة لن تقبل الظلم، وهي تدافع بشهامة ونخوة عن جميع الدول العربية، وهي درع الأمة وتدافع عن شرفه".

وعن الأصوات التي تنادي بوقف المسيرات، قال: "لا نقبل بتوقف المسيرات، لأننا قدمنا تضحيات بعمر "الزهور" وهي تضحيات كبيرة"، معتبرا أن الأصوات التي تطالب بتوقف المسيرات تتساوق مع الاحتلال، بهدف احباط الناس، "ولن نرفع الراية البيضاء وستبقى المسيرة مستمرة حتى ننال جميع حقوقنا".

"مهما بلغت التحديات والتضحيات ستبقى مسيراتنا مستمرة" بها اختصرت الخمسينية "أم حسن حسنين" حديثها، فيما أبدت رفيقتها الخمسينية "أم ضياء" سالم استحالة توقف المسيرة قائلة: "قدمنا تضحيات ودمنا لن يذهب هدرا دون استرداد حقوقنا (..) فنحن خرجنا للمطالبة بأرضنا ومقدساتنا".

الحال كذلك كان لخميس الجرجاوي (43 عاماً) مؤكداً أن كل الإجراءات العقابية والحصار وتهديدات الاحتلال لن تركع الشعب الفلسطيني.

أبلغ رد

من جهته، قال القيادي في حركة حماس د. إسماعيل رضوان: إن "غزة عصية على الانفصال والانكسار، وأن الحشود الكبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني خرجت بمسيرات العودة لتكون أبلغ رد على كل المثبطين والمشككين بمسيرات العودة، مؤكدين استمرارها بطابعها الشعبي وأدواتها السلمية لتكون ردا على تهديدات الاحتلال".

وأضاف رضوان لصحيفة "فلسطين": "غزة عصية على الانفصال والانكسار رغم مجزرة قطع الرواتب من قبل السلطة الفلسطينية التي استهدفت الموظفين والشهداء والجرحى، وأن غزة تؤكد بهذه الحشود الهادرة أنها جزء من فلسطين وتؤكد على وحدة الأراضي الفلسطينية وحرصها على تحقيق الوحدة لمواجهة صفقة القرن".

وحول الوضع الإنساني في قطاع غزة في ظل اشتداد الحصار، حذر رضوان أنه على المجتمع الدولي أن يلتقط الرسالة قبل فوات الأوان برفع الحصار، وأن غزة آيلة للانفجار وأن الاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عن تداعيات استمرار جرائمه واستمرار الحصار.

وعن جهود المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف، قال رضوان: "واضح أن المجتمع الدولي يراهن على وقف وانكسار المسيرات ويريد تنفيذ الأجندة الإسرائيلية، لكننا مستمرون حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وأنه أن الأوان كي تقوم الأمم المتحدة بدورها بالزام الاحتلال بتطبيق تفاهمات رفع الحصار وتنفيذ المشاريع التي كان قد وعد بها ميلادينوف".

وأكد رضوان على رفض كل مخرجات مؤتمر "وراسو" الذي هدف للتطبيع مع الاحتلال وتمرير صفقة القرن وإيجاد حلف عربي، لافتا إلى أن إيران جزء من الأمة الإسلامية كانت وستبقى داعمة للقضية الفلسطينية، وأن الاحتلال لن يكون جارا أو صديقا للعرب.

واعتبر رضوان التطبيع طعنة في صمود الشعب الفلسطيني وخيانة له، و"أن على الشعوب العربية مقاومة التطبيع".

4 رسائل

من جانبه، حدد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ماهر مزهر أربع رسائل حملتها الجمعة السابعة والأربعون لمسيرات العودة، أولها أن مسيرات العودة لن تتوقف ولن تتراجع رغم كل محاولات شيطنتها من "المهزومين" الذين يحاولون تثبيط المشاركين.

وقال مزهر لصحيفة "فلسطين": "خروج الجماهير بعشرات الآلاف يؤكد أن خيارها والتفافها حول المسيرة لا رجعة عنه، وأن الرسالة الثانية نابعة من تسمية الجمعة "غزة عصية على الانكسار والانفصال"، مؤكداً رفضهم أن تكون هناك دولة بغزة أو بدون غزة.

ووجه مزهر رسالة للمجتمعين بمؤتمر "وارسو" قال فيها: "إن العدو المركزي للأمة هو الاحتلال الإسرائيلي، ولن ينجحوا في خلق عدو جديد، وأن إيران لن تكون عدوا للشعوب العربية بل أداة من أدوات النضال".

ولفت إلى أن الرسالة الثالثة لمن راهن أن غزة يمكن أن ترفع الراية البيضاء أو تنكسر، بأنها رغم الحروب وقطع سبل الحياة بقيت صامدة شامخة أبية، وأنها لن تركع وستبقى البوصلة التي تشير إلى القدس وتتمسك بالثوابت.

أما الرسالة الرابعة، وفق مزهر، فتفيد أن خروج الجماهير الفلسطينية هي صفعة بوجه وزير الخارجية العماني الذي جلس بجوار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال اجتماع وارسو من أجل تبييض صفحته الإجرامية.