فلسطين أون لاين

مسلسل أرطغرل.. قوة الروح ومعادلة تحقيق الانتصار

الانتشار الواسع لهذا المسلسل وتربعه في قلوب الجماهير العربية والاسلامية لم يكن اعتياديا، لقد وجد فيه الناس ضالتهم، وجدوا فيه ما يبحثون عنه، فهو بامتياز حقق الآتي:

  • معادلة الدين والسياسة بصورتها المشرقة، حيث تم الاعتداء عليها كثيرا في واقعنا اليوم، فجاء المسلسل ليظهر من يحقق السياسة والحكم وإدارة شئون الناس بحضور ديني صادق ليفعل فعله ويحقق ما يرجوه الناس في أعماقهم.
  • الفعل المقاوم الصادق وسط ظروف حالكة وقاهرة، ماذا عسانا نفعل إذا تكالب علينا الأعداء من كل جانب وكنا بإمكانات تكاد تكون معدومة وبأحوال منكوبة من فرقة وانقسام وفساد للأوضاع والأحوال.. أظهر المسلسل إمكانات الفعل والانتصار واستنهاض الإرادة وصدق الرجال رغم كل هذا الظلام.
  • المسلسل يجسد الوعي الأمني ومقاومة الاختراق والذهاب بعيدا في اختراق جبهة الاعداء، ما هو فعل الاختراق لجبهتنا ونتائجه الكارثية، خاصة إذا طال أعلى المقامات، هناك حرب أمنية بصراع أدمغة ذات مستوى عالٍ يجسده المسلسل ويبيّن خطورة هذه الحرب وأثرها على النتائج إما انتصار أو هزائم ساحقة، والمسلسل يكشف عن هذه الحرب غير المرئية التي لا تنتهي بل هي قائمة بكل أبعادها إلى يومنا هذا.
  • الروح والتعبئة الجهادية: والمسلسل يجسد أهم مصدر من مصادر القوة، هذه الروح الحاضرة بالمسلسل وهي مكون أساسي من مكونات أمتنا وقد غفلت عنها كثير من المسلسلات التاريخية التي لم يتجلَّ فيها هذا البعد وبقيت تعالج أسباب الانتصار أو الهزيمة دون أن تسبر غور هذه الروح، ومنها ما كان يستحي من مجرد المرور بها خشية من اتهامه بالتدين أو الانتماء لحركة اسلامية، المسلسل بروح إيمانية عالية وبطريقة جميلة يكشف عن هذا المصدر العظيم للروح المعنوية للذات المسلمة ويبين تجليات هذه الروح في ميادين العطاء والتضحية والفداء.
  • تكامل دور المرأة والرجل بطريقة عظيمة رائعة، المرأة في المسلسل رديفة الرجل وهي مداد للروح والهمة العالية وشريكة في كل تفاصيل حياته، تصنع معه النصر وتسعى بكل عنفوانها في كل الميادين، ميادين العمل والسوق والتجارة والجهاد والسياسة من أعلى الهرم إلى أدناه، شريكة في التفكير والتخطيط والفعل والتنفيذ. يظهر المرأة الايجابية بدورها الذي لا يقل أهمية عن دور الرجل ويظهر المرأة السلبية حينما تكون محبطة ومنطوية على الذات الضيقة تماما كالرجل السلبي الجبان الموتور. فدور السيدة حليمة مثلا يتعلق به المشاهد ويرى فيه الدور العظيم للمرأة بما لا يقل عن الدور العظيم الذي يراه لأرطغرل.
  • صورة الآخر: يبدع المسلسل في تجسيد صورة الأعداء بصورة مذهلة، فالمغول والبيزنطيون ومن يوالونهم يظهرون بصورتهم الحقيقية دون أي لبس، فالمسلم الذي وقع في ذاك الزمان بين نيران الغرب الصليبي الطامع بالقضاء على الإسلام والمغول المتوحش الذي يريد ألا يبقي ولا يذر أي أثر لمسلم، قلة من أهل الحق تواجه هذا الطغيان وتعمل جاهدة على إبقاء جذوة الحق، المسلسل يبدع في تصوير حقيقة الشخصية المغولية كما الشخصية البيزنطية الغربية بكل أبعادهما.
  • والمسلسل يجيد حل لغز هذا السؤال الذي ما زال قائما ليومنا هذا: كيف ينتصر الحق؟ هل بالتمني والدعاء ينتصر أهل الحق على الأعداء؟ هل ينتصرون ببعض التضحيات؟ هل المسألة تحتاج إلى ما هو أبعد من هذا بكثير؟ ومتى نحصد الهزائم؟ وهل يهزم المنتصر إذا غفل عن بعض المتطلبات؟ وإذا هزم ووصل إلى الوضع الكارثي من كل الجهات هل له من عودة للانتصار؟ المسلسل يجيب بطريقة علمية وعملية فكثير من المحطات يقول المشاهد لن تقوم لأهل الحق قائمة ثم إن القيادة الصادقة المخلصة المثابرة تخرج بناسها من تحت الأنقاض وتعرف كيف تسير نحو الانتصار من جديد؟

المسلسل ملحمة تاريخية وفكرية وثقافية وروحية واعية وأدمغة ذات خبرات أمنية ناجحة، تعرف كيف تفكر وكيف تخطط وكيف تقود المعركة لتحقق الانتصار على كل الجبهات؟ لو كان بيدي المنهاج لدفعت بالمسلسل ليتابعه طلابنا ولنبني في نفوسهم قوة الارادة والمروءة وكيف يكون الرجال وكيف تكون النساء والروح التي تحقق الانتصار.