فلسطين أون لاين

​الوقوع في شَرَك الموت.. حكاية "المصري" و"أبو شرخ" بحثًا عن حياة أفضل

...
المهربون غايتهم جمع الأموال ولا يهمهم غرق الفلسطينيين أو غيرهم
غزة/ جمال غيث:

"من لجوء إلى لجوء، ومن استغلال إلى استغلال، ثم الموت بحثًا عن لقمة عيش مغمسة بالدماء"، بهذه الجملة اختصر أحمد المصري، حكاية عبد الله المصري، الذي لقي مصرعه غرقاً في الجزائر مساء الجمعة الماضية، برفقة زميله منير أبو شرخ، اللذين كانا يحلمان بالوصول إلى "الفردوس الأوروبي".

وأفادت السلطات الجزائرية، يوم السبت، بمصرع عبد الله المصري، ومنير أبو شرخ، غرقًا في الجزائر حينما كانا يحاولان الهجرة إلى إسبانيا.

وأعلنت قيادة خفر السواحل للمجموعة الإقليمية بوهران الجزائرية، حالة الطوارئ القصوى بعد العثور على جثتين وإنقاذ 12 آخرين في عرض البحر المتوسط على مستوى منطقة رأس الإبرة بإقليم أرزيو.

وذكرت أن عمليات البحث جارية للعثور على مفقودين آخرين، حيث أشارت المعطيات الأولية إلى فقدان أثر 18 مهاجرًا غير شرعي بينهم أجانب.

وأكدت عائلة المصري، في خان يونس جنوب قطاع غزة أن السفينة كانت تقل مجموعة من أبنائها الذين خرجوا بحثًا عن حياة أفضل خارج القطاع.

وبقي "المصري" و"أبو شرخ" في الجزائر نحو عام لم يحصلا فيه على عمل جيّد فقررا الهجرة إلى إسبانيا، ليتمكنا من مساعدة عائلتهما في قطاع غزة.

ويقول أحمد المصري أحد أقارب الغريق لـ"فلسطين": "غادر عبد الله قبل نحو عام قطاع غزة، متجهًا إلى الجزائر ثم إسبانيا لطلب اللجوء والبحث عن لقمة عيش".

ويضيف بحزن: "خرج عبد الله ورفاقه من الموت إلى الموت، بعد أن انتهى بهم المطاف على متن قارب مطاطي صغير وسط البحر المتوسط، لينتشَل جثمانه وجثمان زميله منير أبو شرخ، وإنقاذ الباقين من الساعين للهجرة إلى إسبانيا".

ويحث جميع المعنيين للاهتمام بالشباب ورعايتهم وتوفير احتياجاتهم لتجنيبهم الهجرة بحثًا عن لقمة عيش خارج البلاد، لتجنيبهم الموت المحدق.

طالبو اللجوء

ويفيد المتحدث باسم المحتجزين الفلسطينيين في الجزائر علاء يونس أنه مع ساعات مساء الجمعة الماضي، تجهز المصري وأبو شرخ مع عدد من رفاقهم الذين وصلوا الجزائر، من غزة قبل نحو عام، للصعود على متن قارب مطاطي صغير وسط البحر المتوسط، في محاولة للوصول إلى إسبانيا لطلب اللجوء.

ويضيف يونس لصحيفة "فلسطين": "الوصول إلى الضفة الأخرى، كان يحتاج لمخاطرة المهاجرين بحياتهم في البحر، رغم أنهم لا يجيدون السباحة، فتواصلوا مع أحد المهربين الذي وعدهم بإيصالهم إلى بر الأمان مقابل دفع ألف دولار للشخص الواحد، جمعوها على مدار العام".

ويشير إلى أن الحالمين بالهجرة البالغ عددهم نحو 20 فلسطينيًا انتظروا المهرب، بعد منتصف ليل الجمعة وركبوا القارب المطاطي على أمل الوصول إلى إسبانيا، لكنهم غرقوا لعدم صلاحية القارب للنقل ولزيادة الحمل عليه".

ويؤكد يونس أن الفلسطينيين المهاجرين لأوروبا يتعرضون لعمليات نصب من المهربين في الجزائر وبعض البلدان العربية وغيرها، ما يعرض حياتهم للخطر أو للموت غرقًا بسبب القوارب غير الآمنة أو الصالحة للإبحار".

وتستغرق الرحلة الواحدة في "قوارب الموت"، وفق يونس، عشر ساعات في عرض البحر، التي غالبًا لا تكمل طريقها بسبب حمولتها الزائدة وعدم صلاحيتها لنقل المسافرين.

ويفصح يونس عن شهادتي شقيقيه الموجودين في المغرب، بأن عددًا من الفلسطينيين طالبي اللجوء تعرضوا قبل فترة لعملية نصب من مهربين، وأن بعضهم فقدت آثارهم لعشرة أيام في عرض البحر بعد تعطل المركب قبل أن تعثر عليهم السلطات الاسبانية.

ويحذر يونس أبناء الشعب الفلسطيني من التعاون مع المهربين أو الصعود على "متن قوارب الموت، فالمهربون غايتهم جمع الأموال ولا يهمهم غرق الفلسطينيين أو غيرهم".

وأظهرت أرقام المنظمة الدولية للهجرة، أن 2297 مهاجرًا لقوا حتفهم أو فقدوا في البحر المتوسط العام الماضي، مقابل وصول نحو 117 ألف شخص في الإجمال إلى أوروبا عبر البحر.

ووفقا للمنظمة، فقد وصل 4449 شخصًا إلى أوروبا في أول 16 يومًا من العام الجاري، أغلبهم عبر البحر مقارنة، بنحو 2964 خلال الفترة نفسها من عام 2018.