تمكنت الإدارة الأميركية من جمع ستين دولة لاجتماع وارسو في بولندا، لدراسة سبل وآليات مواجهة إيران معا، والتشاور حول توقف المفاوضات بين الفلسطينيين (وإسرائيل)، والحاجة إلى تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية.
الاجتماع الذي بدأ جلساته أمس الأربعاء 13 فبراير 2019م بحضور نتنياهو، ومصر والسعودية والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر ، وغياب السلطة الفلسطينية، يهدف إلى توحيد جهود هذه الدول تحت الرعاية الأميركية لمواجهة إيران، وتهيئة بيئة إقليمية لصفقة القرن، وتطبيع العلاقات.
غابت السلطة احتجاجا على الموقف الأميركي من قضية القدس، ومن فرض حصار مالي على السلطة، ولكن السلطة التي غابت طارت إلى الرياض ليلتقي محمود عباس مع الملك سليمان لتنسيق المواقف، ولحمل رسالة السلطة إلى أميركا وإلى نتنياهو. ومن هنا يمكن القول بأن السلطة حاضرة من خلال السعودية والوفود العربية الأخرى.
التمثيل العربي للسلطة الفلسطينية ليس جديدا، فقد اعتادت الوفود العربية تمثيل السلطة بتفويض منها وبغير تفويض، واعتادت السلطة على الإذعان للموقف العربي، الذي جاء غالبا معطوبا، ومقاربا للموقف الأميركي الإسرائيلي.
الطرف العربي أبلغ السلطة أن لديه مشاكل متفاقمة في منطقة الخليج، ولديه مشاكل أخرى في العلاقات الدولية، واليمن، وسوريا، وتركيا، وعليه فإن سياسة المملكة والخليج باتت تعطي الأولوية لمشاكلها الملحة، ولم تعد القضية الفلسطينية قضية ملحة وذات أولوية، وعلى عباس أن يحسن الاستماع للإدارة الأميركية، وأن يعود للمفاوضات برعاية أميركية، لأن المؤتمر الدولي الذي يطالب به لن ينعقد البتة للمسألة الفلسطينية.
مؤتمر وارسو يحقق جانبا مهما من مصالح أميركا (وإسرائيل) ، ولا يكاد يحقق شيئا من المصالح العربية والفلسطينية، فهو سيستجيب للرؤية الأميركية الإسرائيلية في مواجهة إيران، وسيصرف النظر عن القضية الفلسطينية لفترة من الزمن، على نحو يريح (إسرائيل) ، وهذا ما يفهم من تصريح نتنياهو عند سفره لوارسو حيث طمأن اليهود على حالة الاستقرار الجيد في العلاقات العربية الإسرائيلية، سواء العلاقات المعلنة، أو العلاقات غير المعلنة، باستثناء العلاقة مع سوريا؟! ومن المرجح أن تشهد منطقة الخليج مزيدا من التوتر بعد انتهاء المؤتمر، وعند تنفيذ توصياته، وستبقى القضية الفلسطينية تراوح مكانها، وقديما قالوا ما حكّ جلدك غير ظفرك، فتدبر جلّ أمرك.