فلسطين أون لاين

​الاحتلال يقرر تجريف ما تبقى من مقبرة مأمن الله

مقابر المسلمين بالقدس في دائرة الاستهداف الإسرائيلي

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

لا تتوقف انتهاكات الاحتلال بحق المسجد الأقصى والقدس، عند الحجر والشجر والبشر، بل تطال كذلك الأموات في مقابرهم، حيث قررت بلديته في المدينة المحتلة مؤخرًا إزالة وتجريف ما تبقى من مقبرة "مأمن الله" التاريخية بهدف فتح شارع مكانها.

وأُنشئت مقبرة مأمن الله في مطلع القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وتعد من أشهر وأكبر المقابر الإسلامية في فلسطين، وتقدر مساحتها بـ200 دونم، وتضم رفات وأضرحة أعلام وصحابة وشهداء وتابعين مسلمين كثيرين، دفنوا فيها منذ الفتح الإسلامي للقدس عام 636.

ومنذ احتلال مدينة القدس عام 1948 خضعت مقبرة مأمن الله للعديد من المخططات الإسرائيلية لطمس معالمها وتحويلها إلى مشاريع عدة، فقد حول الاحتلال جزءًا كبيرًا منها إلى حديقة عامة، يُقام فيها المهرجانات والاحتفالات التهويدية، وقد شقَّ الطرق فيها.

وفي الآونة الأخيرة بدأ العمل لإقامة العديد من المشاريع، منها "متحف التسامح" فوق مساحة قدرها 25 دونمًا، حيث تم جرف جزء كبير من المقبرة ونبش قبورها. وتنفذ حكومة الاحتلال تدريجيًّا هذه المشاريع التي تشكل جزءًا من تهويد مدينة القدس سعيًا لإخفاء معالمها الإسلامية العريقة.

الباحث في شؤون المسجد الأقصى محمد العمري، يوضح أن استهداف الاحتلال للمقابر الإسلامية في القدس وتحديدًا مقبرة مأمن الله يندرج في إطار مساعي الاحتلال الذي يسابق الزمن لإزالة كل الشواهد الإسلامية والتاريخية المرتبطة بالقدس والبلدة القديمة، مقابل تعزيز وجوده ومشاريعه الاستيطانية التهويدية.

وقال العمري لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال لم يصل لهذه المرحلة من الغطرسة والاستهداف المباشر للآثار والمقدسات إلا في ظل ضعف رود الأفعال واقتصارها على بيانات الشجب والاستنكار، دون اتخاذ أي خطوات فعلية توقف تغوله في القدس المحتلة.

وأشار إلى أن استهداف مقبر مأمن الله قديم جديد، إذ سبق أن أعلنت سلطات الاحتلال عام 1957 كل منطقة المقبرة التاريخية في القدس "حديقة للاستقلال"، وذلك بمناسبة مرور 10 سنوات على إعلان دولة الاحتلال، ولكنها سرعت من خطواتها التدميرية للمقبرة في السنوات الماضية؛ بهدف استكمال طمس معالمها الإسلامية نهائيًّا بمشاريع استيطان وتهويد جديدة.

حرمة المقابر

وعدت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، قرار بلدية الاحتلال إزالة وتجريف ما تبقى من مقبرة مأمن الله التاريخية، تعديا سافرا على حرمة المقابر، وإصرارا واضحا هدفه إثارة مشاعر المسلمين والمقدسيين.

ونددت الهيئة في بيان صحفي أمس بعزم سلطات الاحتلال البدء بتنفيذ مشروع لشق شارع يقع بجوار "متحف التسامح" في الطريق الواصل بين شارع مأمن الله وشارع "بن سيرا" بوسط المقبرة، وإقامة مبان عامة على أرض المقبرة التاريخية.

وأكدت أنه على الرغم من السخط المقدسي الفلسطيني لعمليات التهويد المتواصلة ضد مقبرة مأمن الله، إلا أن (إسرائيل) وبشكل متطرف قررت تجريف وإزالة المقبرة في خطوة خطيرة، منتهكةً حرمة المقبرة الإسلامية، والحق الفلسطيني، وكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، التي تدعو إلى احترام الديانات المختلفة واتباعها.

ودعت الهيئة المقدسية كل المنظمات والمؤسسات الدولية وخصوصا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتحرك العاجل للحفاظ والدفاع عن آثار القدس التاريخية، ووضع حد لسياسات الاحتلال القائمة على التهويد.