"لن نسمح بخصم أو منع الرواتب عن الشهداء والأسرى كما يحاول البعض، ولو بقي لدينا قرش واحد سنصرفه على الشهداء والأسرى وعائلاتهم"، هذا الكلام جزء من رسالة لرئيس السلطة محمود عباس في 23 يوليو/ تموز 2018 خلال لقائه بذويهم.
لم تمضِ شهور على حديث عباس حول عدم المس برواتبهم، حتى بدأ بقطع رواتب المئات منهم، وهو ما يعد تجاوزًا لقانون الأسرى والمحررين لعام 2004 وتعديلاته لعام 2013، الذي أقرته السلطة، ووافق هو (عباس) على تعديلاته.
ويعرف القانون الأسير بأنه كل من يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية مشاركته في النضال ضد الاحتلال، والأسير المحرر، هو كل من تم تحريره من سجون الاحتلال.
ويلزم القانون الدولة أن تعمل بكل الوسائل المشروعة على تحرير الأسرى من سجون الاحتلال، وتقديم كل المتطلبات القانونية لمساعدة الأسير أثناء أسره، وتوفير الحقوق المالية للأسير وأسرته وأي حقوق أخرى يمكن تقديمها؛ طبقًا لأحكام هذا القانون والنظام الصادر بمقتضاه.
ويؤكد قرار القانون على توفير فرصة التحصيل العلمي للأسير وزوجته وأبنائه، وتأهيل الأسرى المحررين وفقًا لأحكام النظام الصادر بمقتضى أحكام هذا القانون، وتوفير التأمين الصحي للأسير وأسرته.
ويمنح القانون الأسير المحرر أولوية في التعيينات السنوية في كل مؤسسات الدولة وفقًا للتشريعات النافذة، وفي حال لم تستطع الدولة تأمين الوظائف للأسرى طبقا للفقرة السابقة، فإنها تلتزم بصرف مبلغ مالي شهريا لكل أسير محرر أمضى في الأسر خمس سنوات حتى عشر سنوات، والأسيرة المحررة من سنتين حتى خمس سنوات.
وفي حال وفاة الأسير المحرر أو الأسيرة المحررة المنصوص عليهما في البند (أ) من هذه الفقرة، السابقة للقانون، تلتزم الدولة برعاية أسرهم وفقا للنظام الصادر بمقتضى أحكام هذا القرار. وينص القانون أن كل أسير معاق لديه عجز دائم بنسبة (50%) أو أكثر في حال أمضى سنتين ونصف السنة في الأسر، والأسيرة التي أمضت سنة في الأسر، والذي أمضى عشر سنوات فأكثر، والأسيرة التي أمضت خمس سنوات فأكثر، يتم توظيفهم في مؤسسات الدولة دون إغفال الحقوق المكتسبة للأسرى المحررين الموظفين.
ويمنح القانون الأسير الذي أمضى من سنة حتى خمس سنوات ولم يستفد من أحكام الفقرات السابقة، بدل بطالة لمدة تساوي المدة التي قضاها في الأسر، وإذا أمضى في الأسر مدة سنة فأكثر يمنح عند تحرّره منحة إفراج لمرة واحدة.
وحول الأسير الذي يستشهد داخل الأسر يتم اعتماده في مؤسسة أسر الشهداء، ومنحه علاوة رتبة حسب سنوات الأسر وفقا لقانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية، وفق المادة (5) من القانون.
وتلغي المادة (11) من القانون كل ما يتعارض مع أحكام هذا القرار بقانون، كما المادة (12) التي تشدد على الجهات المختصة كافة، كل فيما يخصه، تنفيذ أحكام هذا القرار بقانون، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
حقوق إجبارية
المستشار القانوني عبد الله شرشرة، يؤكد أن الرواتب هي حقوق للأسرى والمعتقلين، حيث إن السلطة مجبرة حسب القانون في المادة (10) على أن تقدم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالأسرى نتيجة الاعتقال.
ويقول شرشرة لصحيفة "فلسطين": إن لكل أسير وأسير محرر الحق في إقامة دعاوى للمطالبة بحقوقه، وبالتالي السلطة مجبرة على دفع تعويضات الأسرى على سنوات اعتقالهم، وليس قطع رواتبهم.
وفيما يتعلق بأسر الشهداء والجرحى، يوضح شرشرة أن المادة 22 من القانون الأساسي نصت على رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين، وأنه واجب ينظم القانون أحكامه، وتكفل السلطة لهم خدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي.
ويرى أن قضية قطع الرواتب، مرتبطة بشكل أساس بانتهاك دستوري لحقوق الأسرى وذوي الشهداء، حيث إن القانون يحظر اتخاذ أي إجراءات تنتهك مبادئ حقوق الإنسان.
ويوضح أن قطع الرواتب بناء على الانتماء السياسي هو انتهاك لقواعد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي انضمت إليه السلطة الفلسطينية، ومن جانب آخر هو انتهاك لقواعد القانون الأساسي التي تنص على أن مبادئ حقوق الإنسان ملزمة وواجبة الاتباع، حيث إن الفلسطينيين سواء أمام القانون والقضاء، لا تمييز بينهم بسبب الرأي السياسي.
وحول إمكانية توجه الأسرى وذوي الشهداء للقضاء، يستطرد المستشار القانوني بالقول: "يمكن لهم التوجه للقضاء نظريا، لكن من الناحية العملية هناك مخاطر كبيرة في القضايا الشبيهة التي يكون أسبابها سياسية بالدرجة الأولى في كل من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، في ظل الوضع السياسي الفلسطيني الحالي، الذي يفرض أحيانا توجهات سياسية على القضاء بسبب عدم وجود فصل حقيقي بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية".