فلسطين أون لاين

لا تلعب دور "الإطفائي" مع ابنك

...
غزة/ مريم الشوبكي

دور الوالدين في التربية في بعض الأحيان ينحصر في دور "الإطفائي"، الذي يتدخل عند اشتعال المشاكل، وصدور السلوكيات المزعجة عند أبنائه، والبحث عن حلول لها، دون البحث عن الجذور التي تسببت في ظهور هذه السلوكيات.

و"الإطفائي" يعد من أنماط التربية الخطأ التي تتسبب في تجذر المشاكل، وتنشئة الأبناء تنشئة خطأ يبدأ في جني ثمارها المدمرة عند الكبر، حينها يسأل نفسه: "لماذا يفعل أبنائي بي هكذا؟".

الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة بينت أن الإطفائي عادة يأتي في الأوقات الحرجة حينما تظهر الأزمات في أشدها، فيسعى لتدارك الوضع والسيطرة على الأزمة، وقد ينجح في احتوائها أحيانا، وفي أحيان أخرى تدخله لا يجدي نفعًا.

وأوضحت السعايدة لـ"فلسطين" أن نمط الإطفائي يظهر بوضوح في بعض الشخصيات الوالدية فتجده لا يتابع ما يحدث مع أبنائه، ولا يلقي بالًا لاحتياجاتهم، ولا يسمع همومهم، فتجد أن هناك حلقة مفقودة من الاتصال بينه وبين أبنائه، وحين وقوعهم في إحدى المشكلات يحاول أن يجد سبيلًا للتواصل معهم.

وعزت أسباب اتخاذ أحد الوالدين دور الإطفائي إلى عوامل عدة: الفجوة بين الجيلين، فالمطلع على المجتمع المحلي يجد فجوة بين الأجيال، نجمت عنها مشكلات سلوكية وغياب سبل التفاهم والحوار البناء بين الجيلين، وأثبتت الدراسات أن أغلب المشكلات النفسية التي تظهر في الكبر، عند البحث في خفاياها نجد أنها تعود لأساليب المعاملة الوالدية الخطأ.

وأشارت الاختصاصية النفسية إلى أن الثقافة المجتمعية التي تظهر عادة دور الأب بأنه المنفق على البيت ولا يتابع تربية أبنائه عن قرب، ويلقي المسئولية الكبرى من تربية الأبناء على الأم تحت ذريعة أنه مشغول بأعماله، لذلك نجد الآباء يلعبون دور الإطفائي أكثر من الأمهات.

ولفتت إلى أن بعض الأمهات يلجأن إلى التكتم على أفعال أبنائهن الخطأ خشية العقاب، وهن يجهلن بذلك أنهن يضعن أبناءهن في مأزق أكبر.

وأفادت بأن جو الخوف المزروع داخل بعض الأسر، الذي أفقد الثقة بين الآباء والأبناء، فيخفي الابن علاقاته ومشاكله وتفاعله عن أهله ولكن حينما يقع في مشكلة تبدأ الأفعال والتصرفات الخطأ تظهر على السطح.

ودعت السعايدة الوالدين إلى ضرورة المتابعة مع الأبناء أولا بأول، وعد ذلك جزءا من نظام الأسرة، واتفاقهم على توزيع الأدوار فيما بينهم من ناحية رعاية الأبناء، وأن يجعلوا الحديث عن أبنائهم جزءا من حديثهم اليومي.

ونصحت بأنه في حال أخطأ الابن فعلى الوالدين التركيز على ضرورة فهم ومعرفة الأسباب بعيدًا عن العقاب والتخوين، والبحث في الأسباب التي أدت إلى حدوث المشكلة حتى يختاروا أفضل الحلول.

وأكدت الاختصاصية النفسية أهمية بناء جسر من الثقة المتبادلة بين الوالدين والأبناء، وإشاعة جو من الاحترام والمودة داخل الأسرة لأنها الملاذ الآمن للأبناء والحصن المنيع حتى لو ارتكب الأبناء بعض الزلات ووقعوا في بعض الهفوات.

وحذرت من حصر الدور الوالدي في التربية في اللوم والانتقاد وإسداء النصائح والتعليمات، بل عليهم البدء في بناء شخصيات سوية على أسس تربية صحيحة، وليس انتظار وقوع المشاكل.