فتحت حادثة استشهاد الأسير المريض فارس بارود (51 عامًا) ملف الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى الفلسطينيين من قبل إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، مما ينذرُ بارتقاء المزيد من الأسرى تباعًا في قادم الأيام.
ووفقا لهيئة شؤون الأسرى في رام الله فإن 1800 أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يشكون من أمراض عدة، و700 أسير يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة منهم 34 حالة مصابة بمرض السرطان.
وتقابل إدارة السجون هذه الأمراض باستهتار واسع، يتمثل في تأخير الاستجابة لطلبات الكشف عن الأسرى المرضى، وتشخيصهم، إلى جانب عدم تقديم العلاجات المناسبة لهم، مع رفض عرضهم على أطباء أو مشافي خارجية إلا بعد تفاقم حالتهم ودنوها إلى حالة الخطر الشديد المتوقع فيه الوفاة.
سلاح الاحتلال
وعانى الأسير "بارود" الذي أمضى 28 عامًا من حكم المؤبد في سجون الاحتلال من مشاكل صحية في المعدة، إلى جانب معاناته من الربو، وأصيب قبل استشهاده بيوم بوعكة صحية استدعت نقله إلى المستشفى، ثم ما لبث أن استشهد بعدها بساعات، الأربعاء الماضي.
ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر، إنّ الإهمال الطبي سلاح بيد الاحتلال داخل السجون، وسياسة معدة مسبقًا من أجل قتل الأسرى جسديًا ونفسيًا، وزرع الأمراض داخل أجسادهم.
ويوضح أبو بكر لـ"فلسطين"، أنّ معظم الأسرى المرضى يعيشون مع أوجاعهم ودون وجود أي علاج مناسب لهم، فيما تكتفي إدارة السجون بمنحهم بعض المسكنات "الأكامول"، بينما ينقل الأسرى من ذوي الأمراض الخطيرة إلى عيادات غير مؤهلة غالبًا ما تكون عيادة سجن الرملة غير المختصة.
ويؤكد أنّ الاحتلال وفي سياسة الاهمال الطبي التي يستخدمها ضد الأسرى، يخرق القوانين والمواثيق الدولية، ومواد اتفاقيات جنيف التي تؤكد على إلزامية متابعة الأسرى صحيا، وتقديم العلاجات المناسبة لهم، داعيا العالم إلى حماية هذه الاتفاقات التي تتجاوزها (اسرائيل) وتضرب بها عرض الحائط.
وباستشهاد الأسير "بارود" أقدم أسرى قطاع غزة يرفع عدد شهداء الحركة الاسيرة إلى (218) شهيدًا، بينهم (63) أسيرًا استشهدوا نتيجة الاهمال الطبي التي تتبعها ادارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.
مضاعفة المعاناة
ويؤكد الباحث في شؤون الأسرى ومدير مركز فلسطين للأسرى والدراسات، رياض الأشقر، أنّ سياسة الإهمال الطبي سياسة ممنهجة ومتعمدة من قبل إدارة السجون، استخدمت منذ افتتاح السجون.
ويوضح الأشقر لـ"فلسطين"، أنّ ادارة السجون تهدف وعبر هذه السياسية إلى عقاب الأسير ومضاعفة معاناته، إضافة إلى حرمانه من حريته، وتدميره كإنسان قبل أن يخرج من سجنه،وذلك بتغلغل الأمراض في جسده، واستفحالها بشكل متقدم مما يعنى انعدام الأمل في الشفاء.
ويشير إلى أن هذه السياسة تتمحور بداية في المماطلة بإجراء الكشف الطبي للأسرى الذين يشتكون من الآم أو تراجع على وضعهم الصحي وذلك لشهور أو لسنوات، مما يضاعف أمراضهم ومعاناتهم، فيما أنه ولم تم إجراء الكشف الطبي للأسير لا يخرج عن كونه كشفا شكليا يصرف غالبا له بعض المسكنات غير المفيدة.
ويلفت الأشقر أيضًا إلى أنّ إدارة السجون تؤخر إجراء عمليات جراحية عاجلة وضرورية لبعض الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة، الأمر الذى يؤدى إلى انتشار الأمراض في أجسادهم ويصعب شفاؤهم فيما بعد، بينما ترفض الإدارة كذلك عرض الأسرى المرضى على طبيب مختص لا يستطيع معرفة سبب الشكوى وتصرف له دواء غير مناسب.
ويحذر من أن الأسرى المرضى في حالة ازدياد، مما يفضح رواية الاحتلال بتقديم العلاج لهم، مشيرا إلى أن نسبتهم حوالي 18% من عدد الأسرى، ومن بين كل 5 أسرى هناك أسير مريض، بينما من الممكن أن ينتظر الأسير المريض سنوات لكي تسمح له إدارة السجن بإجراء تحليل أو صورة أشعة، أو العرض على الطبيب، هذا عدا عن طريقة نقلهم لتلقي للكشف أو العلاج في امان خارج السجن.
ويشدد على أنّ عدم محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه وردعه عن مواصلة سياساته الاجرامية بحق الأسرى، فان الباب سيبقى مفتوحًا لارتقاء شهداء جدد، ولن تقف عند استشهاد الأسير "بارود"، حيث لا يزال العشرات يعانون من ظروف صحية صعبة للغاية، من الممكن في أية لحظة يتم استشهادهم.