على سرير المرض ترقد الطفلة "مرام" بين الحياة والموت بانتظار حصولها على تحويلة طبية تمكِّنها من إجراء عملية زراعة كبد في مستشفى خارج قطاع غزة.
"مرام" واحدة من بين عشرات المرضى الذين يقيمون في مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة المختص في علاج الأورام والكلى.
وضربت الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي وعقوبات السلطة القطاع الصحي في قطاع غزة المكتظ بما يزيد على مليوني نسمة.
كانت وزارة الصحة في غزة أطلقت نداء استغاثة الشهر الماضي لتزويدها بالوقود اللازم لتشغيل المستشفيات العاملة بالقطاع، إذ كانت هناك خمسة مشافٍ على الأقل تواجه خطر التوقف عن العمل بفعل أزمة الوقود.
والدة الطفلة "مرام" التي طلبت الاكتفاء بنشر الاسم الأول لطفلتها: "كل يوم يمر أخسر ابنتي. الدموع تملأ جفونها، وعلامات الإرهاق أثقلت جبينها".
واشتكت الوالدة من ظروف صعبة تعيشها العائلة حالت دون تمكنها من تلبية احتياجات طفلتها من العلاجات. وقالت لـ"فلسطين": "لا يمكننا تحمل عبء شراء الأدوية، فالأوضاع الاقتصادية صعبة".
في الغرفة المقابلة يستلقي المريض الخمسيني إياد أبو شعبان الذي يغسل الكلى مرتين في الأسبوع، وفي إحدى يديه يمتد أنبوب متصل بجهاز الغسيل الذي يعمل على الكهرباء.
وقال هذا المريض لـ"فلسطين": "يصل المريض المستشفى لأخذ الجرعة من الدواء أو للغسيل فيفاجأ بتأجيلها من إدارة المستشفى بسبب نقص السولار".
ورأى في تأثير الحصار الإسرائيلي وعقوبات السلطة على قطاع الصحة "موتًا بطيئًا للمرضى".
ذروة الأزمة
وكان الناطق باسم وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة صرّح سابقًا أن شح الوقود أدخل المرافق الصحية في "عين الأزمة"، حيث تهدد 800 مريض بالفشل الكلوي، يرتادون 128 جهازًا طبيًا لغسيل الكلى بالمستشفيات.
كذلك تشكل أزمة الكهرباء تهديدًا لحياة 120 طفلًا من الخدج داخل حضانات الأطفال، فضلًا عن 100 مريض في قسم العناية المكثفة، وتحرم آلاف المرضى من الفحوصات في 50 مختبرًا طبيًا بالمستشفيات.
وقال المدير الطبي لمستشفى الرنتيسي للأطفال الدكتور محمد أبو ندى في حديث مع "فلسطين": "نعاني من الأزمات المتلاحقة على المستشفيات، وأهمها الوقود والكهرباء، نتج عنها مشكلة في المولدات وقطع الغيار وعدم قدرتها على القيام بعملها".
وأشار إلى أن الكثير من الأدوية تحتاج للحفظ في ثلاجات، وبعض الأقسام في المستشفى تعتمد على الكهرباء، كقسم غسيل الكلى، محذرًا من أن وقوفها يعني توقف عمل القسم المسؤول عن أكثر من 41 طفلا مريضا.
وأضاف أبو ندى، أنهم لن يتمكنوا من القيام بواجبهم دون توافر حد أدنى من الكهرباء، والحلول الجزئية بسيطة لا تكاد معالمها تظهر.
وتُعاني مستشفيات قطاع غزة والمراكز الصحية فيه، من نقص 90 في المائة من مستلزماتها الطبية في ظل تعطيل أو منع الاحتلال الإسرائيلي سفرهم لاستكمال العلاج في الخارج.
وكانت أطلقت الأمم المتحدة، مؤخرًا، تحذيرات من تعرض مستشفياتها في القطاع والبالغ عددها 14 مستشفى للخطر والتوقف على نحو متزايد جراء نقص الإمدادات الطبية وتوقف الكهرباء وانخفاض احتياطي وقود تشغيل مولدات الطوارئ.
وفي السياق، حذر اتحاد لجان الرعاية الصحية من انهيار وشيك في منظومة الخدمات الصحية بقطاع غزة، داعيًا المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية لتحمل مسؤولياتهما لإنقاذ القطاع الصحي من "الانهيار الكامل".
وشدد الاتحاد في بيان صحفي، أمس، على ضرورة توفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة للمرضى في قطاع غزة، وتوفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المشافي والمراكز الطبية، لمنع الانهيار الوشيك في القطاع الصحي الفلسطيني بقطاع غزة المحاصر.