فلسطين أون لاين

​السلطة كافأته بقطع راتبه قبل رحيله بساعات

"فارس بارود" .. عانق الحرية شهيدا

...
"بارود" كان قد اعتقل في 23 مارس/ آذار 1991، بتهمة قتل مستوطن
غزة/ جمال غيث:

لفظ الأسير فارس بارود (51 عامًا) من غزة، أنفاسه الأخيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أمس، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد بحقه، وذلك بعد ساعات من قطع السلطة راتبه وعشرات الشهداء والأسرى.

بارود الذي أمضى ثلاثة عقود في سجون الاحتلال ومحكوم بالمؤبد، هو الشهيد رقم 218 في قائمة الشهداء الذين لفظوا أنفاسهم داخل سجون الاحتلال، وكافأت السلطة نضاله هذا بقطع راتبه دون سابق إنذار.

وكان بارود والعشرات من الأسرى وذوي الشهداء قد فُجعوا أول من أمس بسبب قطع رواتبهم من السلطة في رام الله.

وعمت موجة غضب داخل سجون الاحتلال احتجاجًا وحدادًا على استشهاد الأسير "بارود" نتيجة سياسة الاحتلال والسلطة في الوقت ذاته.

والشهيد "بارود" كان قد اعتقل في 23 مارس/ آذار 1991، بتهمة قتل مستوطن في مدينة الخضيرة في الأراضي المحتلة عام 1948، وتعرض لإهمال طبي متعمد على مدار سنوات اعتقاله تفاقم مع عزله الانفرادي لسنوات، حتى أُصيب بفيروس في الكبد خلال الأيام القليلة الماضية أدى إلى استشهاده.

وصدر بحق الأسير الشهيد حكم بالسجن المؤبد و35 عامًا، وقد تعرض للعزل الانفرادي لسنوات طويلة كان آخرها عزل لمدة أربع سنوات متواصلة، وفقدَ والدته خلال إضراب الأسرى عن الطعام عام 2017.

وكانت والدة "بارود" ريا عبيد، أحد أعمدة الاعتصام الأسبوعي لأهالي أسرى قطاع غزة، فقد شاركت في كل الاحتجاجات والإضرابات التي جرت خلال ربع القرن الماضي.

منع الزيارة

ويقول محمد عبيد لصحيفة "فلسطين": "فقدت عمتي بصرها حزنًا على نجلها فارس، بعدما منعتها إدارة السجون من زيارته قبل وفاتها بـ12 عامًا نتيجة مشادة كلامية مع السجان"، مشيرًا إلى أنها كانت تنتظر عودته على أحر من الجمر.

ويضيف أن والدة "بارود" توفت في أيار/ مايو 2017 عن عمر ناهز (85 عامًا) بعد صراع مع المرض، دون أن تتمكن من تحقيق حلمها باحتضان نجلها "فارس" قبل أن تفارق الحياة.

وتوقف عبيد عن الكلام للحظات قبل أن يستكمل حديثة حزنًا على وفاة ابن عمته "فارس" قائلًا: "كانت عمتي تردد عبارتها المشهورة على كل وسائل الإعلام وأمام المشاركين في الفعاليات المساندة للأسرى بقولها: أتمنى أن أحتضن ابنى فارس قبل أن أفارق الحياة".

ويتابع عبيد الذي كان يقف أمام منزل عائلة الشهيد بارود في مخيم الشاطئ غرب غزة "بات هذا المنزل لا يسكنه أحد بعد أسر الولد الوحيد "فارس"، ورحيل الأم التي ظلت متمسكة بكل ما تملك لأجل عودة ابنها، كانت على أمل أن يعود ابنها في أي لحظة أو أي صفقة، لكن الأمل تبدد برحيلها عن هذه الحياة".

عودة الشهيد

وبعد عام ونصف على وفاة ريا عبيد، عاد نجلها "فارس" لكن شهيدًا، جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه إدارة سجون الاحتلال، حيث كان قد خضع لعملية استئصال جزء من الكبد، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.

ولم يقدم لـ"بارود" الرعاية الطبية اللازمة، فبعد يومين من إجراء عملية الاستئصال نقلته إدارة السجون إلى سجن "ريمون"، وعقب تدهور أوضاعه الصحية أعيد قبل يومين إلى المستشفى، وفق ابن عمته.

والأسير الشهيد "بارود" هو عميد أسرى قطاع غزة، تسكن أسرته في مخيم الشاطئ، وكان يعيش في قسم (4) غرفة (60) مع بقية إخوانه الأسرى في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفق مكتب إعلام الأسرى، الذي أكد أن سلطات الاحتلال رفضت إطلاق سراحه في العديد من صفقات التبادل.

وكان من المفترض إطلاق سراح "بارود" مع الأسرى القدامى الذين التزم الاحتلال بإطلاق سراحهم ضمن اتفاق مع السلطة، لكنه علق الإفراج عن آخر 30 أسيرًا منهم ضمن الدفعة الرابعة، ورفض إطلاق سراحهم.