فلسطين أون لاين

​أبو لحية خباز الفرن المغلق

...
خان يونس- شيماء بركة:


يجلس أمام منزله البسيط في محاولة منه للهروب من انخفاض درجة الحرارة داخل المنزل الواقع بأحد أحياء مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ويسرح بين حين وآخر في فرنه القديم المغلق منذ سنين، والذي تختبئ بداخله ملامح شبابه وكفاحه من أجل العيش.

الخباز الأربعيني عليان أبو لحية (48 عامًا) يروى حكايته لـ"صحيفة فلسطين"، منذ أن عاش معاناة شبابه في فرنه القديم، ارتدى الملابس المبقعة بالزيت المحروق معظم أوقات تلك الفترة الوردية، يرتدي ملابسه والتي استمرت معه حتى تعدى الأربعين من عمره.

اقتربنا منه ليقابلنا بابتسامة حرجة تخفي خلفها متاعبه التي حملها فوق عاتقه منذ أكثر من 30عامًا، وبمجرد أن بدأ حديثه شكى مرارة حياة الفقر والاحتياج التي طالما عاش فيها دون أن يجني شيئًا يعوضه عن سنوات عمله.

وقال: "أغلقت الفرن من سنين ومن يومها لليوم المسئولية أكبر، حتى أنني فكرت ونصحني كثيرون بإعادة إصلاحه وفتحه لكي أسترزق منه بدل حياة المر التي وصلنا لها في غزة".

وأضاف "لا أستطيع أن أعود خبازًا في هذا العمر، فصحتي لا تسمح باستخدام أي شيء يخفض درجة الحرارة، لأنه في حالة غسلت وجهي أو شربت الماء مثلجة أدخل في حالة إعياء شديدة، كما لا يمكن تشغيل مروحة أو جهاز تكييف في المكان، لأن ذلك سوف يؤثر على درجة حرارة الفرن، ويخرج الخبز غير جيد ولا يصلح للاستهلاك الآدمي، "معجن" كما وصفه.

وأوضح أن "الخباز" يذوب صيفًا بين حرارة الطقس ونار الفرن، ليجني في نهاية اليوم شواكل ليست بالكثيرة في ظل اشتعال الأسعار في غزة، مقابل ما يبذله من جهد وما يلاقيه من مخاطر في عمله الشاق.

ومهنة الخباز تحتاج للصبر الشديد للوقوف أمام النار، بالإضافة إلى اليقظة لأن عدم الانتباه للعجين داخل الفرن معناه احتراق الخبز وخسارته، وانسداد خروج النار قد يؤدي إلى انفجار الفرن.

وشكا أبو لحية: "منذ 10 سنوات كانت اليومية تكفي وتزيد"، أما الآن فرغم تخطي اليومية ضعف ما كان يحصل عليه من قبل فهي لا تكفي أي شيء.

وفى السياق أوضح أن انقراض الأفران كان بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، وهناك من امتنع عن العمل، بسبب الحر الشديد الذي سبب لهم حمى بسبب سخونة الطقس.

ورغم انقراض صنعة “الفران” أمام غزو المخابز الحديثة في فلسطين (أو في غزة على الأقل)، إلا أن الكثير من العائلات يفضل الخبز المصنوع في البيت، عبر استخدام “طنجرة الكهرباء”، وهي وعاء خاص لخبز العجين بالطاقة الحرارية الكهربائية، أو باستخدام الفرن الذي يعمل بغاز الطبخ.

وحسبما قال منهكًا: "حاولت تشغيل الفرن لكن حصار غزة أقوى مني"، متابعًا: "ولكني على أمل بالله بأن المأساة التي يمر بها شعبنا لن تدوم، ونأمل بالأيام المقبلة إعادة تشغيل الأفران، وإقبال الأهالي عليها ليس فقط لخبز الخبز البلدي بل كذلك في الطهي".