فلسطين أون لاين

بين الزواج التقليدي وزواج الحبّ..

رسالةُ إيضاحٍ إلى الأخوات الكرائم!

***

سمعتُ في لقاءاتٍ إذاعيةٍ متنوعةٍ في بلادٍ عربيةٍ مختلفةٍ ما يخالف ما اعتدنا عليه وعلى جماله في بلدنا أرضِ الرباط، وهو ما يتعلق بما يسمونه (الزواج التقليدي) أو (زواج الصالونات)، وهم يريدون بذلك الإيحاء أنه زواج "متخلف" أو second class، ويراه كثيرٌ من الشباب والشابّات (جيل هالأيام) من "عصور التخلّف" ورجعيّته.!

***

وحين تسألُ عن طريقتهم في الزواج؛ فهم يبدؤونها بما يسمّونه "الحبّ" فيما يوهمون أنفسهم أنها علاقاتٌ طاهرة، وصار لبعض الأوساط الجامعية في هذا المجال سطوةٌ حتى إنك لتجد بعضَ ملتزمات ظاهريًّا لا تفرق بين عدم جواز هذا وممارستِه على أرض الواقع؛ فالكلُّ في نظرها من (أصحاب المهنة) يتعاطون هذا (المخدِّر الحلال)، والذي يعني في تضاعيفه وتفصيلاته سلاماتٍ، واتصالاتٍ، ومسجاتٍ، وعزوماتٍ، ورحلاتٍ، وطلعاتٍ، ونزلاتٍ، وعناقاتٍ، وخلواتٍ، ولا يضيرها أن تقلد صواحبَها، وربما تعرَّف عليها الواحد سنةً حتى يسأمَ منها فيتركَها كما يترك أحدُهم ثيابَه البالية، ثم يبحثَ عن فريسة غيرها، وتبحث هي عن غيره، وربما يكون ذلك من أجل أن (تكيده) وتغيظه، وتضمّ يمناها قبضةً على باطن يسراها وتحركها يمنة ويسرة مع حركة لسان خارجٍ من الفم! تريد أن تثبتَ له أنها الأجمل والأذكى في (دورة حبّ) لو كانت كتّانًا لاستفدنا منه ثيابَ الحرير، ولكنها ظلماتٌ بعضها فوق بعض، لا ارتباطَ شرعيًّا فيها، ولا متابعاتٍ مجتمعة..!!

***

وتحدّث بعضُهن أنه عندما تركها (صاحبُها) تدهورت حالتُها، فسمنت وأربَت على ثمانين كيلوغرامًا، وأصبحت من المدخّنات، وغزت الحمرةُ عينيها، والسوادُ جفنيها، والدموعُ صرنَ زائرًا مقيمًا في وجنتيْها، تفكّرُ وتسرح، وتنزوي ولا تمزح، قد أكلها الحزنُ فلم يبقِ منها (حتّة)، واستبدّ بها الظلامُ فلم يدع لها منفذًا لأدنى نور، وتراجعت صحتُها الدراسية، حتى إذا عاودت المذاكرةَ والدراسةَ لم يعاودْها الفهمُ والتبصّر، والعقلُ والتصبّر، ولم تجعل هذا مجالًا في عودتها إلى ربِّها ورشدِها، بل عاقبت نفسها بالتعرف إلى أصحاب سوء، وزاد معهم انحرافُها، واستطال بينهم إسفافُها، وهملت عليها الغنم من كل جانب ونفشت، وعوت عليها الكلاب ونبحت، وليس عندها صوتُها إلا الحمام إذا هدلت والقرود إذا ضحكت، كأنها في قبر تمشي إلى حشرٍ يصرعها، ولا حول إلا بالله العظيم.!

***

وعودةً إلى (الزواج التقليديّ)، فنقولُ: إن الزواج إذا كان عن ميلٍ ورغبةٍ سابقةٍ بالحلال دون انحراف بالاتصال كان في ظلال (لم يُرَ للمتحابيْن مثلُ الزواج)، لكنه إذا كان متّكئًا على عصا العاطفة المجردة من العقل والذوق انقلبت حيةً تسعى تأكلُ الطرفين وتلدغُ الجانبين، وتذوي معها زهورُ الحب الظاهرة؛ ذلك أننا نستفيدُ من "التقليديّ" عقلَ البحث والسؤال والاختيار من متعدّدات، وأهلُ الفتاة يستفيدون ما هو أعظم؛ صيانةً لبنتهم، وحفظًا من السفلة الطارئين، وسؤالهم الموسّع عن أخلاق المتقدم وأهلِه، وإمكاناته، واستعداده للزواج، ونحو ذلك، أي أنهم ينظرون إلى المسألة من جميع جوانبها، لا من زاوية مطلوبة يحصرها (زواج الحبّ) فيها دون سواها بعبث ظاهر وطيش مؤكّد، ومستقبل غير واعد مع تكبير احتمالات الإخفاق.

هذه ذكرى شعارُها (أوقية وقاية خيرٌ من ساجٍ وعاجٍ وعلاج).! والحمد لله،،

اللهم اهدِنا وبناتنا وأخواتنا لكل خير وصلاح!!