على ضوء الشموع جلس محمد الفرا، يتصفح عددًا من الكتب التي جمعها من مكاتب عدة في قطاع غزة، تتحدث عن حقوق المفقودين وذويهم وفقا لنصوص القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لكنها لم تروِ ظمأه.
واضطر الفرا، بعد ساعات طويلة من القراءة تحت أضواء الشموع التي جلبت له الصداع، البحث عبر الشبكة العنكبوتية -الإنترنت- لإنجاز بحث يؤهله للفوز في مسابقة الكتابة البحثية على مستوى الوطن العربي، باللغة العربية، والتي أعلنت عنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في يونيو/ حزيران الماضي.
لم يتوانَ الفرا، رغم الصعوبات التي تعرض لها خلال إعداد بحثة كانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وشح المراجع والمطبوعات العربية التي تتحدث عن حقوق المفقودين وذويهم في القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والحالة النفسية التي أصابته بسبب شح المعلومات عن مواصلة عمله في جمع المعلومات.
شح المعلومات
ومن بديهيات الحياة في غزة، بحسب ما قاله الفرا لصحيفة "فلسطين"، وجود الصعوبات التي تعوق أي خطوة في مجال البحث العلمي كشح وندرة المراجع وخاصة العربية منها، فلا زلت أتذكر أنني جبت مكتبات غزة جميعها بحثاً عن مرجع موثق يتحدث عن المفقودين.
ويقول الفرا: "إنه لم يجد سوى صفحة واحدة في كتاب يتحدث عن المفقودين، ما دفعه للجوء إلى العالم الأزرق عله يجد ضالته ويتمكن من إنجاز بحثه".
ويضيف: "بسبب الفترات العصيبة المتلاحقة التي تعرض لها القطاع كانقطاع التيار الكهربائي الذي وصل لـ20 ساعة في اليوم، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المشاركين في مسيرات العودة، زاد من مشقتي وجعلني في سباق مع الوقت لإنجاز البحث في الفترة المحددة وليرى النور".
ومضى يقول: "ما دفعني إلى المشاركة في مسابقة الصليب الأحمر البحثية هو إعلاء اسم الوطن في المجال الحقوقي"، مشيرًا إلى أن بحثه يتسم بالأهمية كونه يخدم القضية الفلسطينية التي عانت كثيرًا من ويلات الحروب وآثارها والتي كان من أبرزها وجود مفقودين كثر لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة، ولتوثيق هذه القضية في بحث جامع لحل هذه المشكلة.
ويناقش البحث، بحسب الفرا، الحماية القانونية للحد من وجود مفقودين في العالم نتيجة النزاعات المسلحة أو الاختفاءات القصرية داخل الدول، مشيرًا إلى أنه لا يوجد احصائية دقيقة تظهر أعداد المفقودين في العالم العربي وبالأراضي الفلسطينية.
الحرب الأهلية
ورأى أن أكثر الدول العربية التي سجلت أعلى نسبة مفقودين هي لبنان بسبب الحروب الأهلية التي تعرضت لها واستمرت من عام 1975 إلى عام 1990، وأسفرت عن مقتل ما يقدر بـ 120 ألف شخص، مشيرًا إلى أن دول العالم سنت في السنوات الاخيرة قوانين تنظم تبادل المعلومات عن المفقودين وتوفير الدعم المادي والمعنوي لأسرهم.
ويطمح الفرا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون الدولي، متمنيًا أن يكون له عمل إنساني مع منظمات عالمية تهتم بالبحث في القضايا الإنسانية أملاً بالوصول لحياة أفضل للبشرية.
وتقدم للمسابقة 40 باحثًا وباحثة من سبع دول عربية، وأعلن عن الفائزين نهاية شهر يناير/ كانون الآخر الماضي، بعد مراجعتها من قبل لجنة التحكيم المكونة من ثلاثة خبراء في مجال القانون الدولي الإنساني.
والفرا، هو محامٍ شرعي ونظامي، خريج كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية في غزة عام 2015.