قال نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو أحمد فؤاد، إن حركة فتح تضع مقدمًا العصي في دواليب حوارات القاهرة وموسكو القادمة في ملف المصالحة، بإصرارها على تشكيل حكومة جديدة بعيدًا عن التوافق الوطني.
وأبدى فؤاد في مقابلة مع صحيفة "فلسطين" استغرابه الشديد من استعجال حركة فتح لتشكيل حكومة جديدة، مع وجود فرصة لدرء الانقسام السياسي عبر الحوارات الوطنية الخارجية القادمة التي ترعاها القاهرة وموسكو في قادم الأيام، مؤكدًا أن تشكيل الحكومة فرصة لعدم إنجاح اللقاءات التي ستُجرى.
وطالب حركة فتح بإعطاء الحوارات القادمة الفرصة الكافية لإنجاحها، مضيفا: "من المفترض أن نخرج من اللقاءات القادمة بخطوات إيجابية وتوحيدية وألا نستقبلها بخطوات تؤدي للمزيد من الانشقاق والانفصال وخلق الأزمات".
استعادة الوحدة
وقدمت حكومة الحمد الله الأسبوع المنصرم استقالتها لرئيس السلطة محمود عباس، الذي أوعز بالتشاور لتشكيل حكومة "فصائلية" جديدة، رفضت معظم الفصائل المشاركة فيها.
ودعا فؤاد حركة فتح للبحث في النقاط التي يمكن أن تؤدي إلى استعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، مشددًا على أن تشكيل الحكومة الجديدة سيؤدي لتكريس الانقسام وإعلاء فرص الانفصال وإدخال المجتمع الفلسطيني ومؤسساته في المزيد من المشاكل والتشرذم.
وأكد أن الجبهة ستقف دومًا ضد كل المشاريع المؤدية إلى فرقة شعبنا وتغول الانقسام عليه، بما تضع على رأس أولوياتها من مصلحة الجماهير الفلسطينية، وتحقيق أهدافه نحو الحرية والاستقلال، مشددًا على أنّ الجبهة لن تشارك في أي خطوة تصل بالوضع الفلسطيني "إلى الكارثة".
وأضاف: "كل المواقف والإجراءات التي تتخذ من السلطة تؤدي بوضوح إلى خلق مزيد من الخلافات والتوترات الداخلية الفلسطينية على الصعد المختلفة"، في حين شعبنا بحاجة إلى عكس هذه الأمور تمامًا.
وأوضح أنّ الجبهة طالبت مرارًا بإطلاق حوار وطني شامل، والذهاب "بأي طريقة" لتجميع قوى شعبنا، والبحث في المشاكل والمخاطر التي تهدد القضية الوطنية، التي ترجم بعضها وبات ملموسًا عبر "صفقة القرن" الأمريكية، وأنّ لقاءات القاهرة وموسكو القادمة فرصة تضييعها "عبث غير مسؤول".
الحد الأدنى للتوافق
وجزم فؤاد بإمكانية إعادة لقاءات القاهرة وموسكو المرتقبة الأمور الوطنية إلى نصابها السليم، والبدء بحوار شامل من شأنه البدء فورًا بخطوات وقف التوتر السياسي والإعلامي، مطالبًا السلطة باستغلالها.
وتابع: "من الممكن أن تصل بنا اللقاءات ولو لتحقيق الحد الأدنى من التوافق على مسائل أساسية، قبل أن تحصل عملية الانهيار، ويتحقق ما لا تحمد عقباه"، مكملًا: "إذا كنا نريد مواجهة صفقة القرن فلا بد أن تتوحد جهودنا وطاقاتنا وليس العكس".
وأردف: "اليوم نحن أمام ملامح جديدة لتطبيقات ضمن صفقة القرن، جزءٌ منها مرّ وجزء آخر من المتوقع أن يمر خلال فترة قصيرة، بمعنى أن هناك ما يمكن أن يُسمّى تصفية للقضية الفلسطينية وفصل غزة عن الضفة الغربية، وهو ما يستوجب التنبه له جيدا وليس مساعدته في الوقوع والتنفيذ".
التفرد بالقرار
ورأى أن الحكومة الجديدة للسلطة ستؤدي وفقًا للمنظور الحالي إلى "صب الزيت على نار الانقسام"، وتحقيق الانفصال، مؤكدًا أنّ "التفرد والاستفراد" بالقرار الوطني أمر في غاية الخطورة ويضر بالقضية الفلسطينية.
وقال إن كان ولا بد من تشكيل حكومة، يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك بها الجميع، مع دعوة كل الأطياف السياسية للمشاركة فيها، لنصل في نهاية الأمور عبرها إلى ترتيب الأوضاع الداخلية، وعقد الانتخابات العامة كخطوة أولى.
وأضاف: "أما حكومة تسمى حكومة الفصائل، فستُخلّف المزيد من المشاكل ولن تستطيع أن تقدم شيئا للشعب وللقضية، بقدر ما ستحدثه من خلافات"، مستدركا: "لكن من الممكن إلغاء هذه الخطوة، لإعطاء الفرصة لنجاح لقاءات القاهرة وموسكو، والوصول لخطوات تدريجية نخفف عبرها من الأزمات التي نعيشها في الوطن والخارج".
وشدد فؤاد على أن حركة فتح التي "بيدها مفتاح السلطة"، يجب عليها التقدم بخطوات تجاه توحيد الساحة وجبهة منظمة التحرير، وعدم الضغط نحو الإسراع بتشكيل الحكومة، مع إعطاء الحوارات الوطنية الفرصة الكاملة.
ولفت إلى أنّ الجبهة تحاول القيام بواجبها نحو شعبنا، والبحث في كل السبل الكفيلة بتحقيق الوحدة، واستعادة منظمة التحرير لموقعها القيادي لقيادة الكل الفلسطيني من فصائل وطنية وإسلامية، والعمل على عقد مجلس وطني توحيدي يشارك فيه الجميع، وهو ما دفعها بصورة أو أخرى لعدم المشاركة في الحكومة المنوي تشكيلها في رام الله.
من جهة ثانية، طالب فؤاد بضرورة إبقاء جذوة مسيرة العودة وكسر الحصار في غزة مشتعلة، وتطوير الفعاليات الميدانية في الضفة الغربية المحتلة ودحرجتها باتجاه أن تصل إلى انتفاضة شعبية تدريجيًّا، بما يقف سدا مانعًا لمواجهة مخططات "صفقة القرن"، وما يحاول الاحتلال تحقيقه.