عانى الطفل محمود أبو نقيرة (خمسة أعوام) أشد المعاناة منذ ولادته في تموز 2013م، بسبب مشكلات صحية، اضطرّت ذويه إلى معايشة ألوان العذاب معه، تحت الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 13 سنة.
في يوم ولادته عمّت الفرحة أوساط العائلة، خصوصًا والديه لكونه المولود البكر، رغم ولادته في عملية قيصرية، لكن سرعان ما تحولت الفرحة إلى قلق عندما كشف عن "عيب خلقي" به بعد يومين.
كشفت الفحوصات الطبية عن "عدم تخلق بفتحة الشرج"، والتصاق المثانة بالمستقيم (عضلة تؤدي إلى فتحة الشرج)، ووجود فتحتين بمخرج البول واعوجاج، وناسور شرجي.
تلك المشاكل دفعت والديه إلى إطلاق مناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، بعد إجراء سبع عمليات جراحية داخل مشاف بغزة، أنقذت حياته أول عملية، لكن لم تحل مشكلته العمليات الأخرى.
يقول والده في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "بعد ولادته بيومين لاحظنا أن الطفل غير قادر على قضاء حاجته، فعدنا به إلى المستشفى، وقد تغير لون جلده، وهناك أجرى الأطباء له عملية تنظيف للجسم (غسل معدة)، وحدث انفجار في المستقيم، فأجرى له الأطباء على الفور عملية (كولوستومي)".
وعملية (الكولوستومي) عبارة عن فتحة صناعية في جدار البطن تربط بالأمعاء، لإخراج الفضلات في أكياس بلاستيكية خاصة تلصق بجدار البطن الخارجي.
ويلفت أبو نقيرة إلى أن طفله ظل نحو ثلاث سنوات ملصقة به أكياس (الكولوستومي)، مشيرًا إلى أنه أجريت له عملية فتح فتحة الشرج وتوسيعات بعد سنة ونصف من ولادته، وعمليات أخرى نفذها أطباء من غزة، ووفود طبية جزائرية وأمريكية، لحل المشاكل التي يعانيها.
ويذكر أن عددًا من العمليات لم تنجح في إنهاء معاناته، فعاد لدرجة الصفر بإخراج الفضلات عبر (الكولوستومي)، قائلًا: "أطلقنا عدة مناشدات لإنقاذ حياته وكانت سنه سنتين ونصف سنة تقريبًا، ولجأنا إلى العلاج في الخارج، وحصلنا على تحويلة طبية للعلاج في الأراضي المحتلة".
ويلات الانتظار
ويتابع أبو نقيرة: "مجمل العمليات الجراحية التي أجريت لمحمود 12 عملية: سبعة بغزة، وعمليتان في مستشفى مار يوسف فشلتا وعاد لمرحلة الصفر، وثلاثة في المركز الطبي (شعاري تسيديك) بالقدس المحتلة".
ويشير إلى أن الاحتلال رفض مرافقته طفله في رحلة العلاج، وسمح لوالدته بالمرور من حاجز بيت حانون (إيرز) بعد مدة طويلة من الفحص، قائلًا: "مرة يرفضون مرافقتها له، ومرة يسمحون لها، وفي بعض الأحيان كنّا ننتظر قبول التنسيق مدة تزيد على ستة أشهر".
ويذكر أبو نقيرة أن زوجته وطفله ذاقوا ويلات الانتظار عند مرورهم عبر حاجز بيت حانون، وعايشوا عذابات الفحص الأمني والتفتيش، مثلهم مثل باقي سكان قطاع غزة المحاصرين الذين يضطرون إلى العلاج في الخارج.
وينبه والد الطفل إلى أن الحالة الصحية للأخير لا تسمح بالانتظار والتسويف في علاجه، وقد حدث ذلك بسبب حواجز الاحتلال، لذلك كانت الحالة الصحية له تسوء، وتزيد معها معاناته اليومية.
يقول: "أجرى طبيب أمريكي متخصص انتظرنا قدومه عملية فصل المثانة عن القولون لطفلي بمستشفى (شعاري تسيديك)، ثم أجرى أطباء من المستشفى عمليات أخرى مكنته من قضاء حاجته طبيعيًّا".
ويتابع الوالد: "رغم المعاناة وطول الانتظار تحسنت حالة محمود، لكنه اليوم يعاني ارتخاء في فتحة الشرج (ضمور في الأعصاب)، وهو بحاجة إلى مراجعة"، مشيرًا أنه لا يعرف متى سيسمح له الاحتلال بالمرور لإكمال علاجه.
ويكمل: "نعاني استنزافًا كبيرًا، خاصة أن محمود يرتدي الحفاظات منذ ولادته حتى الآن، ولا يمكن له الاستغناء عنها مع المشاكل التي عاناها وما يزال، وأيضًا هو بحاجة دائمة لمراهم وأدوية تخفف من آلامه، خاصة أنه لا يستطيع ممارسة هواياته المفضلة، وأبرزها سياقة الدراجة الهوائية، إذ لا يستطيع الجلوس مباشرة على مقعدها".