رفض بنيامين نتنياهو التمديد لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل، يحمل في طياته الكثير من المخاطر، ويؤشر الى ما هو قادم في حال فوزه شبه المضمون في الانتخابات الاسرائيلية القادمة في شهر نيسان المقبل، كما تشير الى دلالات مهمة في هذا الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية لهجمة اسرائيلية امريكية شرسة تستهدف تصفيتها .
هذا الرفض يعني ان نتنياهو يتصرف بشكل فردي ويتخذ قرارات احادية الجانب، ويعتبر مدينة الخليل تحت الاحتلال بالكامل، ولا وجود للسلطة الفلسطينية فيها، ولا علاقة لأي طرف فلسطيني بشأن الخليل، كما انه يستهتر باتفاق دولي موقع رسميا، تنصَّل منه دون الرجوع الى اية مرجعيات دولية، وهذا التصرف الاحادي الجانب، ينذر بوجود نوايا مبيّتة لدى نتنياهو، وقرار بالانسحاب من اتفاقات اخرى موقعة مع الجانب الفلسطيني، وهذا يعني بشكل او بآخر سحب الاعتراف الاسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني، مما يفتح الباب مشرعا امام الجانب الفلسطيني للتعامل بالمثل والرد على مواقف نتنياهو موقف بموقف.
بعثة المراقبة الدولية في مدنية الخليل التي يرأسها «إينار آوس»، بُعثت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف عام 1994، على اساس اتفاق دولي، وكانت أول مهمة للبعثة بدأت في 8 أيار من نفس العام، بعد المجزرة التي ارتكبها مستوطن صهيوني في الحرم الابراهيمي اثناء صلاة الفجر، واستشهد واصيب المئات من المصلين الفلسطينيين الذين تمكنوا من قتله قبل ان يفر.
وتتكون البعثة من مراقبين قادمين من الدانمارك وإيطاليا والنرويج والسويد وسويسرا وتركيا، وتتمثل مهمة التواجد الدولي المؤقت في الخليل في مراقبة وتدوين الحوداث التي يرتكبها كلا من الطرف الفلسطيني والإسرائيلي.
ولدى البعثة حالياً 64 عضوا، و 20 موظفاً محلياً وتتكون من أربعة أقسام: مكتب رئيس البعثة، قسم التحليل والمعلومات، قسم العمليات والقسم اللوجستي والإداري، ومراقبوا بعثة التواجد الدولي المؤقت هم من ست دول مساهمة، يتبعون لوزارة الخارجية لتلك الدولة وقوات الشرطة ولغاية الوفاء بالتفويض الممنوح، فإن البعثة توظف مراقبين يتحدثون العربية والعبرية، وكذلك الأمر مراقبون ذو خلفيات شرطية أو عسكرية، والبعثة مدنية غير مسلحة، وجميع المراقبين فيها يعملون بالصفة المدنية.
هذا اول اتفاق دولي تنسفه حكومة الاحتلال بشكل رسمي معلن من طرف واحد مع الجانب الفلسطيني، علما بأنها لم ولا تلتزم بأي اتفاقات اخرى، لكنها لم تلغها بقرارات رسمية علنية كما فعلت باتفاق الخليل، لكنها الغتها بممارسات عملية وفعلية على الارض، والجميع يعلم انه من الناحية العقائدية التوراتية التلمودية، بأن مدينة الخليل، وخاصة البلدة القديمة ومنطقة الحرم الابراهيمي الشريف، بالنسبة لليهود المتشددين وبِدَعِهم، لا تقل اهمية عن القدس، وينطبق هذا ايضا على منطقة قبر يوسف في مدينة نابلس.
الرد الفلسطيني على قرار نتنياهو، يجب ان يكون قويا، بحجم القرار الاسرائيلي الذي يعني اعادة احتلال الخليل رسميا، يرافقه تحرك دولي واسع يشمل الدول الست المشاركة في البعثة، لشرح ابعاد ومخاطر القرار الاسرائيلي وتبعاته المستقبلية على الاراضي الفلسطينية المحتلة.