ناقش الباحث في شؤون القدس المحتلة، رضوان عمرو، رسالة الماجستير، داخل المسجد الأقصى المبارك؛ في خطوة لتعزيز مكانة الأخير ثقافيا وتاريخيا واجتماعيا ودينيا.
وحملت رسالة عمرو لنيل درجة الماجستير من جامعة القدس عنوان "حراسة المسجد الأقصى المبارك 1948-2000 - دراسة تاريخية وصفية"، لافتا إلى أنها تناقش موضوعا في غاية الأهمية خلال فترة حساسة من عمر الأقصى.
وحضر المناقشة التي أقيمت في المدرسة الأشرفية، أول من أمس، عدد من الخبراء والباحثين في شؤون القدس، وحراس الأقصى والمرابطين والمرابطات فيه.
ورأى عمرو مناقشته رسالة الماجستير داخل الأقصى "سنة حسنة" لاقتداء الباحثين الفلسطينيين به ومناقشة رسائلهم العلمية داخل المسجد؛ بهدف زيادة الارتباط بالمكان المقدس، وتعزيز مكانته.
وقال عمرو الذي سبق أن عقد قرانه عام 2009م في المكان ذاته الذي ناقش فيه رسالته: الأقصى تاج على رؤوسنا، لا نستطيع الاستغناء عنه في حياتنا.
وأضاف: "بينما يقصر بعض المقدسيين في عقد مناسباتهم داخل المسجد .. نجد أن المستوطنين وجماعات الهيكل تحاول أن تصبغ اقتحاماتها للأقصى بصبغة أكاديمية أو تلمودية أو اجتماعية".
وأشار إلى أهداف أخرى من وراء مناقشته رسالة الماجستير في الأقصى، منها الرغبة بالتبرك بأولى القبلتين وثالث الحرمين، وإحياء سنة تاريخية كانت تقوم على مناقشة الرسائل العلمية وتأليف الكتب وتنقيحها في المدرسة الأشرفية التابعة للأقصى.
ونبه إلى أن أربعة من دارسي الماجستير، حجزوا المدرسة الأشرفية، لمناقشة رسائلهم العلمية، مثمنا تعاون دائرة أوقاف القدس، ومركز دراسات القدس التابع لجامعة القدس.
فصول الدراسة
وذكر عمرو أن قسم الحراسة في المسجد الأقصى، هو أكبر الأقسام التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، وعمل فيه ما يزيد على 500 عامل خلال فترات زمنية مختلفة، ويعمل فيه حاليا حوالي 150 حارسا قابل منهم 52 حارسا خلال فترة الدراسة.
وعكف الباحث المقدسي على العمل في رسالته منذ 2013 م، ورتّب الأرشيف التابع لأوقاف القدس، وصوّر 160 ألف وثيقة، وتابع: رتبتُ مئات السجلات الموجودة بالقسم ولخصتها وصورتها حتى أتمكن من الاستفادة منها، لقد اعتمدتُ على وثائق رسمية كانت مبعثرة.
وبين رئيس قسم المخطوطات في الأقصى، أن من تلك الوثائق 166 سجل إثبات دوام و61 سجل وظيفة يومية وأسبوعية للحراس، و3000 تصريح وإذن صادر عن الأوقاف صاحبة الوصاية على المسجد، و1500 وثيقة من مجموعة متفرقات الحراسة، و1000 تقرير أمني يوثق الاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية للمسجد، و900 وثيقة من إدارة المسجد الأقصى.
وأشار إلى أن الدراسة مكونة من 3 فصول في نحو 190 صفحة، وتتكون من 105 عناوين رئيسة وفرعية، مشيراً إلى أن الفصل الأول يتحدث عن تاريخ الحراسة في الأقصى من إدارة وإعداد وتوزيع المعدات، والفصل الثاني يتناول شبكة من الإجراءات الأمنية التي طورها قسم الحراسة حفاظاً على حرمة وقدسية المكان.
ويستعرض الفصل الثالث علاقة قسم الحراسة بالشرطة "سواء البريطانية أو الأردنية أو الاحتلال الإسرائيلي" وجدلية العلاقة بينهما، شارحا بالقول: فقد كان وجود قوة تنفيذية "الشرطة" في العهد الأردني مقبولا؛ لأنهم مسلمون والعلاقة كانت تكاملا وقرابة وتنسيقا، في حين أصبحت العلاقة تنافرا بمجرد دخول الاحتلال المسجد عام 1967م، "فتحولت العلاقة لمحاولات كسر الإرادة والسيطرة على المكان بين صاحب الحق والدخيل".
وأشار عمرو إلى أن رسالته تميزت بأنها الأولى في مجالها التي اعتمدت على الأرشيف في القدس المحتلة، وتناولت موضوعا حساسا وهو "الحراسة" التي كانت سبباً في انطلاق انتفاضات فلسطينية عديدة؛ وذات تأثير أمني كبير، إضافة إلى أنها جاءت في وقت يعاني فيه الحراس وإدارتهم من ضغط إسرائيلي كبير لإنهاء دورهم التاريخي.
وخلصت الرسالة لنتائج عدة أهمها: ضرورة تعزيز الحاضنة الشعبية حول حراس الأقصى، وتشكيل غطاء سياسي وقانوني لهم، وتسريع الاستجابة لمطالبهم؛ بهدف حماية المسجد من المخططات الإسرائيلية.
وأوصت الرسالة بضرورة تسخير الجهود الرسمية والدبلوماسية والإدارية لزيادة عدد الحراس ومضاعفته، والضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن التغيرات في الأقصى، وتسخير الإمكانات لقسم الحراسة وفق أحدث المعايير الدولية في مجالات المواصلات والأرشفة والاتصالات وغيرها.