"نفاق ومحاولة للعب دور الضحية لجلب تعاطف حقير"، هكذا صفعت ماليزيا (إسرائيل) والمطبِّعين معها، بعدما رفضت استقبال رياضيين إسرائيليين في أراضيها، معيدة التذكير بأنهم قادمون من كيان إجرامي يحتل أرض الشعب الفلسطيني، ويسعى في الوقت نفسه إلى إظهار نفسه كمظلوم من جهة، وكواحة للديمقراطية المزعومة من جهة أخرى.
وكعادتها وجهت سلطات الاحتلال تهمتها المزعومة لرئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد بما تسميه "معاداة السامية"، لكن كوالالمبور وصفت في بيان أصدرته وزارة خارجيتها، هذه التصريحات الاحتلالية بأنها "مقززة ومثيرة للقرف".
وفي أحدث موقف لماليزيا ضد التطبيع، منعت الأخيرة لاعبين إسرائيليين من المشاركة في بطولة العالم للسباحة لذوي الاحتياجات الخاصة، التي ينتظر أن تنظم هناك في يوليو/تموز المقبل، كما فرضت حظرا على مشاركة الإسرائيليين في أي نشاط تستضيفه.
وكانت كوالالمبور منعت في السابق رياضيين إسرائيليين من المشاركة في فعاليات رياضية. وفي 2015 انسحب رياضيان إسرائيليان من مسابقة متزلجين في لانكاوي بعد أن رفضت ماليزيا منحهما تأشيرة دخول، كما رفضت استضافة مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم عام 2017 بسبب مشاركة وفد إسرائيلي.
وردا على الاتهام الاحتلالي بحق رئيس وزراء ماليزيا، يقول عضو اللجنة الفلسطينية لمقاطعة (إسرائيل) البروفيسور مازن قمصية: إن الأخيرة نفسها هي معادية للسامية، وهي التي زادت "معاداة السامية" وشجعتها وتعاونت مع السياسي الألماني النازي أدولف هتلر، ومع السياسي الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني لسنوات ضد اليهود الآخرين.
ويضيف قمصية لصحيفة "فلسطين" أن (إسرائيل) هي التي دمرت يهود الشرق الأوسط وأجبرتهم على الهجرة إلى فلسطين المحتلة سنة 1948، وزرعت قنابل حتى في المعابد في العراق لتجبرهم على الهرب، مشيرا إلى أن "الموساد" يتبع سياسة ارتكاب الجريمة ثم تلفيق التهمة لمسلم، وقد وضعت (إسرائيل) قنابل في مصر ضد المصالح البريطانية والأمريكية ونسبتها للوطنيين المصريين، بحسب المسؤول في لجنة المقاطعة.
ويؤكد أنه لا يحق لـ(إسرائيل) أن توزع الاتهامات بـ"معاداة السامية"، على من يعملون على تحقيق حقوق الإنسان.
ويصف موقف مهاتير محمد بأنه "مهم جدا" عندما أكد عدم سماحه باستقبال إسرائيليين في بلده، وأن (إسرائيل) عنصرية وفاشية وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم.
ويدعو قمصية الأنظمة العربية المطبعة مع (إسرائيل) وعرابي التطبيع إلى أن "يخجلوا من أنفسهم"، في ظل الموقف الماليزي، مشددا على أنه لا تلاقي بين الشعوب وبين الإمبريالية والاستعمار.
ويبشّر قمصية بأن حركة مقاطعة (إسرائيل) وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" تتنامى، رغم التصرفات العنصرية الاحتلالية، ومساعي سلطات الاحتلال لمحاربة المقاطعة عبر قوانين في بعض الدول.
ويشير إلى أن الاحتلال يسعى إلى تجريم المقاطعة في الولايات المتحدة، وسجن أو فرض غرامة على أي شخص ينتقد (إسرائيل)، لكن على الرغم من ذلك المقاطعة تستمر بالنمو، لأنها شيء طبيعي يتناسب مع القوانين الدولية والمحلية ومع حرية التعبير، ولا يمكن أن تطمسه محاولات الاحتلال.
"ورقة التوت"
من جهته يشيد الناشط في "BDS" م. أيمن علي، بالموقف الماليزي الذي يصفه بأنه ثابت وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني ومتصد لعملية التطبيع والهرولة باتجاه دولة الاحتلال في ظل ما تقوم به الأخيرة من قتل متعمد واستخدام للعنف ضد المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في قطاع غزة.
ويوضح علي، منسق حملة بادر لمقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي، أن الاتهامات التي يكيلها الأخير لكل من يقاطعه، واهية وباطلة ومرفوضة جملة وتفصيلا.
ويذكر أن الاحتلال اعتاد على اتهام كل من يقاطع نظام الأبارتهايد والفصل العنصري بما يسميه "معاداة السامية"، وذهب ومن خلفه الإدارة الأمريكية "المتصهينة" باتجاه "أكثر تشددا" بمحاولة سن قوانين في نظام العمل في الولايات المتحدة، مفاده أن كل من يريد الحصول على وظيفة عليه التوقيع على تعهد بألا يكون مقاطعا لدولة الاحتلال.
ويتابع: كلما ازداد الخناق على (إسرائيل) والتضييق عليها من قبل المقاومة الفلسطينية ومن حركة المقاطعة والمسيرات الشعبية، يهب أصدقاء الاحتلال الإسرائيلي لمساعدته بعملية التطبيع والضغط على أنظمة عربية لتحقيق ذلك.
ويشبه علي التطبيع بأنه "ورقة التوت" التي تخفي (إسرائيل) خلفها جرائمها التي تقترفها بحق الشعب الفلسطيني.
ويلفت علي إلى وجود "هرولة تجاه التطبيع"، لكن حركة المقاطعة تتصدى لها، مبديا ثقته بأن الشعوب العربية لن تطبع مع (إسرائيل).
ويشدد الناشط في حركة المقاطعة على أن دولة الاحتلال ستفشل كما فشلت كل مرة، أمام المواقف الشريفة الوطنية التي تخدم القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي.
وينبه علي إلى أن ماليزيا ليست الوحيدة التي ترفض التطبيع، بل إن (إسرائيل) "أصبحت عبئا أخلاقيا على العالم".
ويدلل على ذلك بأمثلة منها اتخاذ البرلمان الايرلندي قرارا بمقاطعة بضائع المستوطنات كونها قائمة على أرض فلسطينية محتلة.