حكومة فلسطينية جديدة تشارك فيها فصائل منظمة التحرير بدلاً من حكومة رامي الحمد الله، التي عرفت لمدة خمس سنوات باسم حكومة التوافق الوطني، رغم عدم ممارستها لأي شكل من أشكال التوافق، وإصرارها على رعاية الانقسام، وتمزيق المناطق وفق الولاء الجغرافي، ووفق الانتماء التنظيمي،حكومة دخلت باسم التوافق، وخرجت باسم الاختلاف.
فماذا ستضيف حكومة جديدة، باسم التنظيمات إلى العمل السياسي الفلسطيني؟ وما الفرق بين حكومة توافق وطني يشارك فيها الوزير حسين الشيخ، وبين حكومة التنظيمات التي سيشارك فيها الوزير حسين الشيخنفسه؟ هل سيكون الاختلاف في أداء الوزير حسين الشيخ أم في أداء الوزارة التي لن يتغير فيها كرسي عن موقعه؟
في كلا الحالتين فإن وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ لا مرجعية له إلا الجنرال الإسرائيلي كميل أبو ركن، فهو صاحب الكلمة العليا في الضفة الغربية، وهو صاحب الصلاحية والنفوذ والقرار والسطوة والسيطرة على كل شبر في الضفة الغربية، وهو الذي يمنح ويمنع، ويعطي ويأخذ، ويطلق سراح ويعتقل، وينسف البيوت ويوزع الهبات والمساعدات، وهو الحاكم الفعلي كما اعترف بذلك كبير المفاوضين وكبير الوزراء الدكتور صائب عريقات، وكما يقول الواقع..
تبديل الأسماء، وتدوير الوظائف لا يحرر وطناً، ولا يطرد مستوطناً، ولا يقيم دولة، ولا يغير من الواقع شيئاً، الذي يتغير هو مستوى المنتفعين، وأشكال الرابحين والخاسرين على المستوى الشخصي، إنما على المستوى الوطني؛ فالردى هو حال الشعب الفلسطيني، فطالما كان النهج هو النهج، والقيادة الفوقية هي ذاتها، والحال هو الحال، فإن طلب التغيير من المحال، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه شعبنا الفلسطيني الذي سينشغل لفترة قادمة بأسماء الوزراء، واللف على الدواوين للتهنئة، ومتابعة التوزيع الجغرافي للوزراء، ومراقبة التشكيلة التنظيمية، وتقبل التبريكات والانتقادات، حتى يصير حديث الشارع محشوراً في التبديل الوزاري، وما سيحمله من بشائر أو خسائر، لن تتعدى عدة أسابيع، حتى يكتشف الجميع أن الرابح من هذا الحال هو الاحتلال، وأن الذي يتعزز هو الاستيطان.
بعد لعبة تغيير الحكومة، وإشغال الناس لزمن بالوزارة الجديدة، ستطرح القيادة فكرة الانتخابات التشريعية، وتترك الشعب الفلسطيني يناقش ويحاور، وينشغل في التحليل والتمييز بين النسبية والقوائم، وأيهما أفضل؟ وبين مشاركة غزة والقدس من عدمها، وأيهما أنجع؟ ومن ثم، جدوى إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة، وهكذا حتى يعبر فصل تلو فصل، ويمر عام تلو عام، وتطوى الأيام، ويزدهر الاستيطان، ويتمدد العدوان، ويكسب الإسرائيلي أرضاً ووطنا، ويكسب الفلسطيني مسمى وزير، ووكيل وزير، ومدير عام من حاشية الوزير، وجميعهم على أرض الواقع بلا فعل، وبلا تأثير، فجميعهم لا يؤدي إلا وظيفة غفير.
الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى حكومات ووزراء من التنظيمات، الشعب الفلسطيني بحاجة إلى مقاومة الاحتلال، وإلى المطاردين من التنظيمات.