التناقص بين القول والفعل من مآسي الساحة الفلسطينية، فبعض التنظيمات التي تعلن ليل نهار عن تأييدها للمقاومة، تفتري الكذب والتدليس على المقاومين، والمنطلق هو الحرص على مصالح الجماهير في غزة، والبكاء على أحوال الناس.
فمن واجبات من يبكي على حال الجماهير في غزة أن يبكي على حال الجماهير في الضفة، ومن واجب التنظيم الذي يدين اعتقال بعض المشبوهين في غزة أن يجرم اعتقال رجال المقاومة في الضفة الغربية، ولا يصح أن تنطلق الأبواق بالردح هنا، وتكمم قدراتها اللفظية هناك، ولا مصداقية لتنظيم يدعي حق الجماهير في ممارسة الديمقراطية وحقها في حرية التعبير، في الوقت الذي يصلي ويسلم على دكتاتور في هذا البلد، ويرفع صورة دكتاتور في بلد آخر.
الدموع واحدة، والأنين واحد يا أصحاب الفذلكات الكلامية، فإما مع الجماهير كل الجماهير في كل مكان، وإما ضد الحاكم المستبد المتغطرس في كل مكان، وإما مع التنسيق الأمني، وتأييده بالكامل، وإما مع المقاومة الفلسطينية، ومناصرة رجالها، وما أحوج التنظيم الفلسطيني الذي يدعي وقوفه من خلف المقاومة، أن يدرك وطيد العلاقة بين انتصار البندقية وانحسار المساعدات، ومن الجهل أن تنكر بعض التنظيمات أن حصار غزة مقترن برفض الهزيمة، والتمرد على سياسة التنسيق الأمني.
فهل يصح لمن يطلب مقاومة أن يهاجم المقاومين، ويتهمهم بأنهم السبب في نقص كمية الغاز، ونقص كمية الكهرباء، وأنهم السبب في إغلاق المعابر؟!!!
وهل كانت بعض التنظيمات تظن المقاومة ترفاً لفظياً، لا ثمن له؟
وهل كان البعض يطلب مقاومة، ويطلب في الوقت نفسه سيارات دفع رباعي؟
وهل كنتم تطلبون مقاومة منتصرة، وتطلبون في الوقت نفسه مكيفات هواء، ودفايات شتاء؟
وهل كنتم تطلبون مقاومة، وترغبون بزيادة الأرصدة في البنوك؟
وهل كنتم تطلبون مقاومة، لتمديد أرجلكم تحت الأغطية كل الليل؟
وهل كنتم تطلبون مقاومة، لتفتح لكم المعابر، وتسافرون حيث شئتم، وتتنقلون عبر الحواجز الإسرائيلية، وتعبرون الجسور والمعابر الحدودية بسلام وأمان؟
للمقاومة شروطها، وواجباتها، فإما أن تكونوا مقاومين، وتتحملون تبعيات قراركم، وإما أن تعلنوا تقديس التنسيق الأمني مثل الأجهزة الأمنية، وتلعنوا المقاومة، ولكن العار أن يدعي البعض حب فلسطين، والسعي لتحريرها من النهر إلى البحر، ويحرض في الوقت نفسه على التحريض ضد رجال المقاومة، ويدعو للمظاهرات ضد المقاومين.
وتذكروا أن لا خيار لكم، فإما تكونوا على خط النار، وإما أن تكونوا على خط العار.
ما سبق من حديث يستحث المسئولين في غزة للبحث عن حلول جذرية لمشاكل الناس اليومية، كي لا يعطوا لبعض التنظيمات فرصة اللطم على مصالح الجماهير عند الصباح، ليرقدوا على بيض التنسيق الأمني في المقاطعة عند المساء.