الجهات التي بادرت ونشطت لتكون القدس في صدارة المشهد الإسلامي الثقافي من خلال إعلان القدس عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية تستحق الإشادة والتنويه، ويستحق من وافق عليها ودعمها الشكروالتشجيع في هذا التوجه الذي جاء في سياق استهداف تهويدي عظيم مسنود بقرار أمريكي يجعل القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
وأَعلمُ أن التحدي هو في بث الروح في هذا القرار الجريء ودخوله في برامج العواصم الإسلامية كل عام، وتخصيص ميزانيات واضحة له، وتحديد مساهمات الدول والهيئات والأشخاص فيه، وأظن أن الجهات الفلسطينية وبعض الجهات العربية والإسلامية تتابع هذا الأمر باهتمام وتحاول اختراق المشهد المغلق في بعض النواحي بهدوء، ويبدو أن الأمر لم ينجح بعدُ بدليل عدم اشتهار مناشط وفعاليات خاصة بالقدس في البرامج المعلنة لعواصم الثقافة الإسلامية، أو ربما نُفذت دون إعلان، أو أنها لم تكن كبيرة بما يكفي لاهتمام الإعلام بظهورها.
وأعلم أن ثمة دولاً حريصة على إدخال القدس في سياق هذا المشروع ودعمه وإسناد مشروعاته وأنها تحتاج إلى جهة ما تستثمر هذا الاهتمام، وتُدخله في المسار التنفيذي وبرمجته، بينما تحتاج دول أخرى إلى إرشاد استشاري في البرامج الممكنة المتاحة في الإطار القيميّ والثقافي المؤدي إلى استثمار سياسي وازنٍ يواجه التهويد المنظم بعقلية حكيمة محسوبة.
إن الناشطين لأجل القدس وهيئاتهم الكثيرة مدعوون اليوم لممارسة هذا الدور الاستشاري الذي أعلن وزراء الثقافة في الدول الإسلامية التزامهم بعنوانه، وليس هذا فحسب، بل ينبغي عليهم أن يبرمجوا نشاطاتهم ضمن هذا الحراك الرسمي لرفع السقف الرسمي في التعاطي مع قضية القدس وتشجيع الآخرين على تقديم مبادرات قوية ومؤثرة، حتى لو كانت هذه البرمجة تعني أن يضعوا شعار هذه العاصمة في لافتاتهم بغير مقابل، وأظن أن القدس قضية مقبولة سياسياً وشعبياً يستوعب المسؤولون انضمام الناس لها، واجتماعهم عليها،ويرحبون بذلك من أي جهة قادرة على تعظيم شأن القدس وتعزيز حضورها.
وأدعو هنا إلى قيام هيئة استشارية تنسيقية مستقلة متجددة تعدّ نفسها لتكون مستشاراً دائماً لكل مبادرة ثقافية تتعلق بعواصم الثقافة الإسلامية في استثمار مباشر لهذا القرار الإسلامي الشجاع في سبيل تشكيل تيار ثقافي عريض يتبنّى القدس قضية دائمة لشعوبنا الإسلامية ومواطنيها من كل ديانة، وقضية حرية يتقدّم لها كل حرّ نبيل .