سأظل أردد الحكمة السياسية الرائعة: "جردوا الأمم من تاريخها، يسهل ابتلاعُها".
تنفذ سلطاتُ الاحتلال الإسرائيلية تجريدَ فلسطين من تاريخها بالجرافات، والمستوطنات فتدمر آثارنا في وضح النهارباعتراف الصحيفة الإسرائيلية هآرتس، أما وسائل الإعلام الفلسطينية فلا تكترث للخبر، مع العلم بأن كل صحف (إسرائيل) شنَّت حملة شعواء فترة طويلة على الفلسطينيين (المخربين، الجاهلين)!، لأنهم دمروا موقع تل السكن في غزة في أكتوبر 2007، مع تأكيد أننا سنظل نفخر بعضويتنا الكاملة في أهم صرح دولي مختص بالمحافظة على التراث العالمي، اليونسكو!!
قالت صحيفة هآرتس: "يقع تل النبي زكريا شمال غرب مستوطنة مودعين، في الطريق من يافا إلى القدس اكتُشفت مدينة أثرية كاملة في هذا الموقع، فيها كنوزٌ أثرية، لا حصر لها، مدينة فيها دير مسيحي بيزنطي، وكهوف مخصصة للرهبان، ومقتنيات دينية إسلامية، تعود للعصرين العباسي والفاطمي، من الآثار المكتشفة، نقوش باللغة العربية، وآيات من القرآن الكريم، ومجوهرات ثمينة، ومعاصر زيتون، ومصانع نبيذ، هذه البلدة المسيحية، المسلمة، كانتْ المركزَ الصناعي لمدينة القدس، والرملة، يرجع تاريخها إلى 1200 سنة، سلمتها سلطات الآثار الإسرائيلية إلى مقاول لغرض تدميرها وإزالتها، لتصبح حيا جديدا لمستوطنة مودعين!!" صحيفة هآرتس 15-1-2019م.
هذا الهدم للأسف، لم يحظَ حتى بتغطية إعلامية كبيرة في الإعلام الفلسطيني، ولا أعرف؛ هل ضُمَّ هذا الهدمُ والتجريف إلى صندوق الشكاوى الفلسطيني المتخم؟
يضاف إلى ذلك ما يجري في القدس من تدمير للآثار، فهو أيضا من أكبر جرائم التاريخ، فهناك جمعية غير حكومية، جمعية عنصرية اسمها (عير داود) أو إلعاد، مختصة ليس فقط بتدمير الآثار، بل بتزييفها، وهي تعمل أسفل جدران القدس، هدفها النهائي اغتصاب القدس كاملة، بزراعة آثار مزيفة!
ما يشغلُ أكثر الفلسطينيين الملفات السياسية والحزبية، فيركزون على الانتهاكات العسكرية، وأعداد الشهداء، والجرحى، والأسرى فقط لا غير.
مع العلم، أن بعض الفلسطينيين حاولوا تجديد تراثنا، باستخدام نظرية الكَمّ، لا الكيف، فلم يُجددوه باستخدام تكنولوجيا العصر، بل باستخدام نظرية الكم، فاحتفلنا احتفالا بروتوكوليا، لم يدم طويلا بأطول كوفية، وأطول علم فلسطيني، وأضخم عرض لصينية كنافة، وأطول ثوب فلسطيني مطرز، طوله اثنان وثلاثون مترا، وعرضه تسعة عشر مترا، طرزتْه مائة وخمسون امرأة بتطريز مليون ونصف غرزة.
لم يكتفِ المحتلون بسرقة أرضنا ومقتنياتنا الأثرية، بل إنهم افتنُّوا في تغيير وتطوير هذا التراث ليصبح ملكا لهم، فسرقوا نقش الكوفية، والثوب، والدبكة، والشكشوكة، فأخضعوها للدراسة والتطوير، وطبقوا عليه المعايير التكنلوجية الأكاديمية ليُبرزوا تفوقهم، كما فعلوا بطبق الفلافل الشامي المشهور في أقدم المعاهد اليهودية، معهد التخنيون!!
"فاز قسم هندسة الطعام في كلية الأحياء، في جامعة التخيون الإسرائيلية في حيفا في شهر يناير 2019بالجائزة الأولى في مسابقة الشركة البلجيكية الكبرى، (إيت فود) Eitfood ، وهي شركة عالمية مهمتها الرئيسة إنتاج الأطعمة الصحية، فازت الكلية باختراعها الجديد، وهو الطبق الشعبي المشهور (الفلافل) الذي أطلقت عليه اسم؛ ألاغافلافل، Alagafalafel.
هذا الطعام الشعبي، ألاغافلافل، سيكون قادرا على الإيفاء بالبروتين اللازم للبشر، في عام 2050 حيث سيعاني العالمفي ذلك التاريخ من نقص حاد في البروتينات.
تكنولوجيا الفلافل الجديد، مكونة من طحالب بحرية خضراء، تعيش دون تمثيل ضوئي، تحتوي على 5% ماء، و24% كربوهيدرات، و8% دهون، و60% بروتين، وخلطة طحينة من أعشاب البحر كذلك." جورسلم بوست 2-1-2019م!!.