فلسطين أون لاين

ما قبل المواجهة القادمة

المواجهة القادمة أصبحت قاب قوسين أو أدنى، وقرار البدء بها، انطلق عندما تهرّب الاحتلال من الالتزام بالتفاهمات التي جرت خلال أكتوبر الماضي، وساهمت كثير من الأحداث في تهيئة ذلك، وتنتظر إشارة البدء، ولا يعرف كيف ستكون هذه الإشارة، وشكلها؟

الاحتلال فعل كل ما يستطيع من أجل توفير بيئة خصبة للمواجهة القادمة، بينما المقاومة تتلاشاها ولا تسعى لها، لكنها لا تجد أمامها إلا الاستعداد لها والتجهز لمواجهة العدوان القادم، ولعل من باب التذكير أن تفاهمات أكتوبر جاءت بعد أشهر قليلة من الحديث عن تهدئة، سرعان ما انهارت مفاوضاتها، عندما أخرج رئيس السلطة محمود عباس الكرت الأحمر وأوقفها، وتسبب بانهيارها، وهو ليس وحده في ذلك، بل الاحتلال عامل أساسي، وبدرجة أخرى تباطؤ الوسطاء الذين أصبحوا موضع استفهام عن دورهم وأهميته.

اليوم تنهار التفاهمات أيضًا، وسريعًا، وبشكل أسرع مما نتوقع، يمكن أن تكون خلال ساعات أو أيام، في غالبيها لن تتجاوز أسبوعين، وحينها نكون أمام مواجهة أكثر تعقيدًا من سابقاتها، واستنفدت المقاومة صبرها، بينما الاحتلال الذي يستعجلها بسبب تداخلات كثيرة داخلية وخارجية، أمنية وسياسية وحزبية، بينما لا يحتمل الفلسطينيون ذلك، لأن الساعات لديهم ثمنها الدماء والحصار والمرض والجوع والبطالة والسجن.

لم ينفذ من تلك التفاهمات إلا اليسير، فلا الحصار انكسر، ولا المشاريع التي تعهدت الأمم المتحدة بتنفيذها قد بدأت، ولا مساحة الصيد اتسعت، ولا المعابر فتحت، ولا مشكلة الكهرباء حُلت بشكل جذري، ولا مشاريع البنية التحتية انطلقت، ورواتب الموظفين لم تصرف سوى شهرين وبطريقة مهينة ومذلة ومستفزة، يتبعها قائمة طويلة من المماطلة والتسويف الإسرائيلي، بينما الفصائل الفلسطينية التزمت بما تم الاتفاق عليه، وضبطت الحدود والمظاهرات السلمية.

كل ما ذكر يهيئ الظروف لمواجهة جديدة، فيها من الشدة الكثير، وأن المقاومة في هذه المواجهة إذا ما قررت فتح مخازن صواريخها، سيكون لها وقع كبير، وقد يلتحق نتنياهو بسلفه ليبرمان في الانهيار، وتعرف المقاومة الطريقة المناسبة لمعاقبة نتنياهو الذي يسعى للصعود عبر الاستمرار في الحصار والتهرب من المسؤولية.

حينها سيكون من الصعب العودة للتفاهمات التي كانت قائمة، وسيستدعي الذهاب نحو تفاهمات جديدة يلتزم بها الاحتلال، ويلتزم الوسطاء بدورهم، ولعل لديهم فسحة قصيرة من الوقت لاستدراك الأمر قبل الذهاب للمواجهة التي يبدو أنها على الأبواب، وسط متغيرات كثيرة حدثت الأسابيع الماضية.