بذل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو جهودًا كبيرة لمنع المستشار القضائي من تقديم لائحة اتهام ضده بالفساد في القضية رقم (4000). وإن كان القرار لم تتبعه أي إجراءات محاكمة حتى اللحظة إلا أن نتنياهو سيبحث عن خيارات للهروب إلى الأمام، وقد تكون غزة أحدها، فهل سيحافظ على الهدوء مع القطاع أم سيتجه للتصعيد؟
ويدور التحقيق في هذا الملف حول تقديم نتنياهو تسهيلات كبيرة بملايين الدولارات لرجل الأعمال الشهير "شاؤول أولفيتش"، مالك شركة "بيزك" للاتصالات، مقابل تلقي نتنياهو وزوجته وأسرته دعمًا إعلاميًا كبيرًا من موقع "واللا" الإخباري الذي يملكه أولفيتش.
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم أن نتنياهو يدرك أنه بات أمام خيارات مفصلية لو قدمت لائحة الاتهام أو لم تقدم، وأنه كان يضغط من خلال شخصيات نافذة في حزب الليكود على المستشار القضائي في الحكومة بعدم توجيه اتهامات قبل الانتخابات.
ويعتقد علقم لصحيفة "فلسطين" أن المدعي العام الإسرائيلي ربما وجد ما يبرر توصيات "النيابة الإسرائيلية" ودلائل دامغة وقوية بفساد نتنياهو، وأن عدم توجيهها يطعن بشرعية الانتخابات.
ولفت إلى أن نتنياهو عمل جاهدا حتى لا يصل إلى هذا السيناريو، فبدأ مبكرًا بالدعاية الانتخابية حين نفذ عملية "درع الشمال" شمال فلسطين المحتلة بهدف تدمير أنفاق يدعي أن حزب الله اللبناني حفرها، موضحًا أن العملية لا ترقى لمستوى عسكري مقارنة بتضخيم التغطية الإعلامية التي رافقتها بدعوى الخطر الأمني.
وسبق نتنياهو قراره هذا، وفقا لعلقم، بفتح قنوات مع دول عربية وإفريقية كعمان والإمارات وتشاد، وسوّق إلى أنه سيعقد اتفاقيات مع السودان ليسهل التجارة، وأن الرحلات تمر بخط مباشر بين (إسرائيل) والهند والبرازيل، ليثبت أنه رجل الأمن والسياسية والاقتصاد، واستمرار توسيع الاستيطان بالضفة الغربية ليغازل اليمين المتطرف المؤيد لهذا التوسيع ليلتف حوله.
خيارات محدودة
وحول إن كان ما سبق سيشفع له في الانتخابات القادمة، يرى علقم إمكانية ذلك لو ظلت الحلبة السياسية الإسرائيلية تعيش حالة تشتت بين المنافسين وضعف خيارات الشخصية الموجودة، وفي حال لم يتحرك مركز الليكود لاستبدال نتنياهو بشخصيات بديلة، وإلا سيبقى نتنياهو "ليدلل على حالة الفساد المتأصلة في المجتمع الإسرائيلي".
ويرى علقم أن (إسرائيل) ستبقى بين "فكي كماشة" أمام هذا الواقع قبل خوض الانتخابات المقبلة، فهي بحاجة ماسة للهدوء في غزة لطمأنة المستوطنين في المستوطنات المحاذية لغزة، لكن إن أراد ذلك عليه الإفراج عن أموال المنحة القطرية والحفاظ على وتيرة التهدئة بشكل يرضي الفصائل والشعب الفلسطيني، وبدء المرحلة الثانية من تفاهمات رفع الحصار.
وذكر أن الأمر الثاني هو حاجة نتنياهو لإرضاء منتقديه السياسيين الإسرائيليين بخصوص تعاطيه مع غزة، الذين يتهمونه بالرضوخ للمقاومة، مبينا أن نتنياهو سيواجه هذا الضغط بالمناورة بين الخيارين، والتلويح بإمكانية إدخال الأموال لو حصل هدوء، وهنا يقع على عاتق الفصائل الفلسطينية ابتكار وسائل ضغط تحقق أهدافهم.
ويعتقد علقم أن نتنياهو لن يلجأ للتصعيد مع غزة قبل الانتخابات، فهو يعيش وضعا صعبا، لكن ما يزيد من صعوبة الأمر أو يخففه الإجراءات التي سيعمد إليها المستشار القضائي للاحتلال.
وقال: "إذا بقي الأمر مجرد تهم ومماطلة بإجراءات المحاكمة، سيلجأ نتنياهو لتفعيل القانون الذي يعطيه الحصانة ويمنع محاسبته أثناء أداء منصبه، ويتصدر استطلاعات الرأي".
خصوم ضعاف
ويوافق المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد رأي علقم، مبينا أن المشكلة ليست في نتنياهو بل في شركائه وأحزاب الائتلاف الحكومي السابق الذين منحوه فرصة للاستمرار في حملته الانتخابية.
ويعتقد أبو عواد في حديث لصحيفة "فلسطين" أن نتنياهو لن يتأثر بلائحة الاتهام بشكلها الحالي، وأن المفاجأة ربما تكون بحصوله على نسبة كبيرة من الأصوات، ذلك أن اليمين الإسرائيلي المتطرف سيتكتل حوله بوصفه الخيار الوحيد، وبما يضمن ابتزازه سعيا منهم لتحقيق أجنداتهم بغض النظر إن كان فاسدا أو لا.
ويلفت إلى أن مسارات نتنياهو ستتجه نحو المحافظة على الهدوء مع قطاع غزة، وتوسيع الاستيطان بالضفة، لكن الذي قد يؤثر عليه هو عدم دخول بعض الأحزاب الإسرائيلية معه في الحكومة بسبب لائحة الاتهام.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي تعطي نتنياهو حاليا 30 مقعدا أي 25% من نسبة الناخبين، لكن أي تغييرات طارئة كانشقاق نفتالي بينت عن البيت اليهودي قد تؤثر عليه في الانتخابات كثيرا.