فلسطين أون لاين

والده أسير في سجون الاحتلال

زيد حرب يوقد شمعة ميلاده الـ20 في سجن "وقائي سلفيت"

...
المعتقل السياسي زيد حرب
سلفيت-غزة/ يحيى اليعقوبي:

كلما أطل يوم 16 كانون الآخر (يناير) من كل عام كانت والدة الشاب زيد حرب تضيء بفرحة وأجواء عائلية سعيدة شمعة جديدة في عمره، وتطفئ أخرى مضت ورحلت وطوتها الأيام والأعوام.

لكن في هذا العام كان المشهد مختلفًا، إذ أضاء "حرب" شمعته الـ20 وحيدًا بين قضبان سجن الأمن الوقائي التابع للسلطة بمدينة سلفيت بالضفة الغربية، في حين أوقدت والدته شموع الحسرة والحزن التي لم تنطفئ في قلبها منذ اعتقال نجلها في الأول من الشهر الجاري.

وما أن أطل شهر يناير معلنًا بداية عام جديد، يحلم فيه كل شاب بحياة ملؤها السعادة والراحة والاستقرار، كان "حرب" يعيش عكس ذلك.

في مساء الأول من يناير اصطحب هذا الشاب والدته إلى طبيب العيون، وما هي إلا لحظات حتى تلقى اتصالًا هاتفيًّا، وقد عرف المتصل عن نفسه بأنه من الأمن الوقائي التابع للسلطة، وحذره الأخير: "بنستناك بالبيت، إذا ما إجيت حناخد أخوك يوسف (14 عامًا)".

مرت ثلاث دقائق وتكرر الاتصال مرة تلو الأخرى، ليعود زيد ووالدته إلى المنزل على عجل خوفًا من حدوث شيء ما، أو تنفيذ التهديد.

تمديد الاعتقال

تقول والدته لصحيفة "فلسطين": "عندما نزلنا من السيارة هجم أفراد الوقائي على نجلي (...) كان عددهم نحو 30، لم يسمحوا له بأخذ أي شيء أو أن يرتدي حذاءين واعتقلوه".

"ماذا تريدون منه؟" بخوف تسأل والدته ضابط "الوقائي"، فيجيبها: "لا شيء، سنسأله سؤالين وسيغادر"، لكن مر أكثر من أسبوعين على "السؤالين" ووالدته لم تعرف مصيره: أيأكل أم لا؟ (خيمت الهواجس على تفكيرها)، هل يعذب أو يضرب؟، وظلت تبحث عن إجابة تضع نقطة النهاية لخوفها على مصيره.

بعد ثلاثة أيام من الاعتقال حكمت نيابة سلفيت بالإفراج عنه، فطلب "الوقائي" -والكلام لوالدته- اصطحاب زيد إلى المقر لأخذ أغراضه والإفراج عنه.

تتابع والدته: "بينما كنا ننتظر عودته للبيت على أحر من الجمر، تفاجأنا بتمديد الوقائي اعتقاله 24 ساعة مخالفين قرار النيابة، وعرضوه على محكمة سلفيت التي بدورها مددت اعتقاله 15 يومًا".

بطرق قانونية شتى حاولت الأم رؤية نجلها، وإسكات كثير من التساؤلات عن مصيره، وبعد 15 يومًا قررت الذهاب إلى مقر "الوقائي"، إذ تقول: "اصطحبت طفلي يوسف لمرافقتي، وهناك لم يسمحوا لي بالدخول لزيارته، بزعم وجود ورشة عمل".

الانتظار شعار رفعته والدة زيد؛ فمرت ساعة واثنتان، وخلالها حاول طفلها يوسف التقاط صور عفوية لها بهاتفه.

احتفظت بذلك المشهد ودونته في سجلات ذاكرتها، تقول: "بينما كان يلتقط يوسف الصورة، اندفع عليه عدد من أفراد الوقائي واعتقلوه، ولولا خروج ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوقائي، وإخبارها بما جرى، وتدخلها؛ لما أفرج عن طفلي يوسف".

حتى يوسف الذي ذهب إلى مرافقة والدته كذلك لديه أمر استدعاء لزيارة الوقائي اليوم، بعد حادثة التقاط الصورة.

وتتابع الأم التي رافق كلامها دموع وبدا عليها التعب الشديد: "يكفي أنهم اعتقلوا ابني زيد، وصادروا هاتف يوسف (...) لا أعرف ما الذي يريدونه، أهذه مكافأة تقدمها السلطة لوالدهما الأسير حساب حرب في سجون الاحتلال؟!".

والأسير حسام حرب (58 عامًا) اعتقله الاحتلال في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) الماضي إداريًّا، بعد اعتقالات سابقة بلغت مدتها 12 سنة، وتضيف: "لا تمر ليلة وننام بها دون خوف أو خشية من مداهمة السلطة أو الاحتلال البيت".

"اعتقال سياسي ظالم (...) لم أزره، ولم تسمح السلطة لفريق الدفاع عنه بالدخول إلى السجن" بهذا تصف الأم المكلومة حال نجلها، متسائلة: "ما سبب الاعتقال؟!، كيف يحكم القاضي بالإفراج ويمدد له؟!".

"في ذكرى ميلاده جلست وحيدة أشعر بغصة كبيرة وقهر على حاله، لم أملك إلا الإضراب عن الطعام تضامنًا معه، رغم أنني مريضة مزمنة بضغط الدم"، توقف صوتها وعبرت دموعها عن حجم وجع سيدة، زوجها أسير لدى جيش الاحتلال، وابنها اعتقلته السلطة على خلفية سياسية.