فلسطين أون لاين

متى سيُفتَح معبر رفح يا مصر العربية؟

قد أتفهم خوف الحكومة الإسرائيلية من المقاومة الفلسطينية، واتخاذها سلسلة من الخطوات التصعيدية ضد أهالي غزة، بما في ذلك الحصار، والتهرب من تفاهمات التهدئة، وإعاقة وصول الأموال القطرية، فإسرائيل عدو لفلسطين، وعدو لأهل غزة، وكل انتصار أو صمود لأهل غزة لا يصب في خزينة الاستقرار الصهيوني، وإنما يُؤخذ من رصيد الأمن الذي تتفاخر به إسرائيل، وتستثمره في التجارة السياسية.

ولكن كيف أتفهم إغلاق مصر معبرَ رفح الواصل بين غزة والعالم الخارجي دون ظهور أي مؤشر على تعديل الموقف المصري، ودون معالجة حجم الضرر والخطر اللذين يحيقان بالمواطن الفلسطيني في غزة، الذي بدأت روحه تضيق، وبات جاهزاً للانفجار في كل مكان؟

والناس في غزة يتساءلون: ماذا ستربح مصر من إغلاق معبر رفح؟ لماذا تركت المعبر التجاري بين مصر وغزة يعمل كما العادة، ليظل المنع مقتصراً على المغادرين، والمغادرون هم من ذوي الحاجات الإنسانية، ومن أصحاب المصالح، ومن طالبي العلاج أو الدراسة أو الوظيفة؟

لماذا يا مصر؟ وهل الاستجابة لمطلب عباس بعدم فتح المعبر يخدم قضية فلسطين؟ وهل التضييق على حياة الناس في غزة يخدم الأمن المصري؟ ويصب في صالح المواطن المصري؟ وهل إغلاق المعبر يعذب رجال حماس الذين لا يسافر معظمهم؟ أم يعذب المواطن الفلسطيني الذي يتطلع للمعبر كبوابة لعبور الحياة، والخلاص من عذاب الحصار والعقوبات؟

من الملاحظ أن إغلاق معبر رفح قد تزامن مع عدم السماح للأموال القطرية بالتدفق إلى غزة، وكان الأجدر في مثل هذه الحالة أن تواصل مصر فتح معبر رفح، كي تحافظ مصر على حبل الود مع غزة قائماً، وكي تكمل دورها الذي بدأته من قبل في تحقيق التهدئة، ونزع فتيل التفجير، ليأتي إغلاق المعبر برسالة سلبية، ستنعكس بمزيد من العناد والصراخ في شوارع غزة، والدعوة للتصعيد مع الإسرائيليين حتى ننتزع حقنا انتزاعاً، ولن يخسر المحاصر والمعاقب شيئاً أكثر مما يخسره من حالة الصمت والانتظار بلا أمل.

وإذا كانت مصالح إسرائيل في التضييق على حياة أهل غزة تلتقي مع مصالح محمود عباس، وقد التقى الطرفان من قبل على محاربة المقاومة كما هو حاصل في الضفة الغربية، وهذا ما اعترف به محمود عباس شخصياً، وفي أكثر من مناسبة، ولكن أين تكمن مصلحة مصر في إغلاق المعبر، ليسحب محمود عباس موظفيه من معبر رفح أثناء زيارته للقاهرة، وبشكل يوحي بالتنسيق مع مصر، وموافقتها على معاقبة أهل غزة؟

عدم عودة موظفي السلطة إلى المعبر لا يعني نهاية المطاف، بإمكان الفصائل الفلسطينية أن تتحمل المسؤولية، وأن تقوم بواجبها تجاه مصالح الناس في غزة، وأزعم أن مصر العربية معنية بفتح معبر رفح شرط وجود جسم فلسطيني يمثل معظم القوى السياسية الفلسطينية الوازنة، وهذا التوافق ليس بالمستحيل.