فلسطين أون لاين

بذكائهم العقلي أطفال رفعوا اسم فلسطين عالميًّا

...
تقرير - هدى الدلو

على صغر أعمارهم يرون أن لهم دورًا في رفع اسم فلسطين وعلمها في المحافل الدولية، وكان ذلك بتفوقهم وعبقريتهم، فحصدوا مراكز متقدمة في المسابقة العالمية اليوسيماس لقياس مستوى الذكاء، التي أقيمت بماليزيا في عام 2018م، متفوقين على مختلف دول العالم التي شاركت في المسابقة، ونجحوا في تمثيل اسم فلسطين أفضل تمثيل.

وقد حصدوا مراكز على مختلف المستويات، فحصل الطالب آدم أسامة رصرص من بيت لحم على المركز الوصيف في المستوى الثاني، وحازت الطالبة جنى جعفر عوض من رام الله المركز الثاني للمستوى الثالث، وحصل الطالب سعيد محمد الغول من القدس على المركز الثاني في المستوى الأول.

تحدٍّ لذاتها

الطفلة جنى لم تتجاوز من عمرها ثمانية أعوام، التحقت بمركز اليوسيماس وهي بالصف الأول الابتدائي عام ٢٠١٦م، وفي أقل من سنتين استطاعت الالتحاق بمسابقات محلية وعالمية.

قالت والدة الطفلة جنى: "كان السبب في إلحاقها بالمركز هو رغبتنا أن يكون أبناؤنا لهم تجارب يتعلمون منها ويطورون من مهاراتهم ويكتسبون معرفة وعلمًا، وذلك بعدما خاض أخوها قيس مشوارًا في مركز حساب الذكاء العقلي".

وقررت الأم إلحاقهم بتلك المراكز للبحث عن مواهب وثروات أبنائها في مجالات مختلفة، بنشاطات لا منهجية تعزز ثقتهم بأنفسهم وتصقل شخصياتهم، مشيرة إلى أن إلحاقهم بهذه المراكز لا يعتمد على حبهم مادة الرياضيات.

وأضافت عوض: "فتلك البرامج تعلم مهارات عدة، كالاستماع، والتركيز، والدقة، والسرعة، وفي البداية عندما ألحقت جنى بمركز اليوسيماس لم تتأقلم معه، وفي نهاية المستوى الأول قررت ألا تكمل، وفي وقتها شاركت هي وقيس عام 2016م في مسابقة محلية عقدت في جامعة بيرزيت، وحصل قيس على بطولة champion في المستوى الثاني، وهي لم يحالفها الحظ".

فكان ذلك نقطة تحول لجنى، بعد أن قررت تركه، فأصرت على العودة لإكمال طريقها في الذكاء العقلي تحديًا لها، وأصبحت تنتظر موعد الذهاب إلى المركز بكل حماس، وتنجز ما هو مطلوب منها بسرعة عالية، وتمكنت من إنهاء المستويين الثاني والثالث.

هذه المرة تدربت جيدًا وزادت سرعتها ودقتها، وشاركت في المسابقة الوطنية عام ٢٠١٨م في جامعة النجاح، وحصلت على المركز الثاني في المستوى الثالث، وكان ذلك بوابة للالتحاق بالمسابقة العالمية التي أقيمت في ماليزيا.

شارك في هذه المسابقة ما يقارب 4000 طالب وطالبة من مختلف دول العالم، 16 طالبًا منهم من المدن الفلسطينية، وكانت جنى أصغرهم سنًّا، وحصلت على المركز الثاني في المستوى الثالث.

وقالت جنى: "لم يؤثر التحاقي بمراكز حساب الذكاء العقلي على دراستي، بل على العكس، تعلمت تنظيم الوقت وترتيب الأولويات، وكان له أثر إيجابي في شخصيتي، فتعلمت العمل ضمن فريق، وتنفيذ المهام المطلوبة في مدة زمنية محددة بدقة عالية، إضافة إلى التركيز، ومهارة الاستماع".

وقبل بدء المسابقة كان التوتر والخوف يسيطران على جنى خوفًا من ألا يحالفها الحظ بالفوز لكثرة أعداد المشاركين، من أعمار مختلفة ودول عدة، ولكن لما بدأت المسابقة واندمجت في التركيز بحل المسائل أيقنت أنه يجب عليها التركيز من أجل السرعة والخروج بإجابة صحيحة؛ فتلاشى التوتر.

بعد خروج النتائج لم يسعها الكون من فرحتها بأنها استطاعت أن تحصد مركزًا متقدمًا رفعت به علم فلسطين.

حب المجال

أما والدة آدم رصرص ذو الـ(11) عامًا من سكان مدينة بيت لحم فقالت: "لم يمض على التحاق ابني بمركز الذكاء العقلي سوى عام وثمانية أشهر، كانت لديه ميول لالتحاق بتلك المراكز، ولكن لم يكن هناك مراكز مختصة بذلك في منطقة السكن، مع العلم أن لديه نشاطات أخرى في الدبكة والموسيقا".

حبه وميوله للالتحاق بالذكاء العقلي ساعده على تخطي المستويات بسهولة دون صعوبات، فوصل إلى المستوى الرابع.

وتابعت حديثها: "فوز آدم بالمسابقة الوطنية، وحصوله على مستوى البطل على مستوى فلسطين أهلاه للالتحاق بالمسابقة العالمية"، لم تستطع والدته أن تعبر عن فرحته بحصوله على المركز الأول في المسابقة العالمية لهذا العام، إذ تمكن من حل 180 مسألة حسابية في ثماني دقائق، خاصة أن الفوز كان حليفه أيضًا العام الماضي؛ فقد حصل على المركز الثاني في المسابقة ذاتها.

وقال آدم: "إن شاء الله أتمكن في العام القادم من الحصول على مركز البطل على مستوى العالم في المستويات الأعلى، فأنا فخور بما وصلت إليه، ولكن لم يأت ذلك من فراغ بل بتشجيع أهلي ومدربي في المركز، ومدرستي".

حلم بالعالمية

رغم عدم اقتناعه بالالتحاق بتلك الدورات، واتجاه ميوله نحو الالتحاق بدورة خاصة بكرة القدم والسباحة من أجل تنمية مهاراته؛ كان والداه مصرين على ذلك لما يريان به من ذكاء، وبالفعل نظرتهما فيه لم تخب؛ فحصل على المركز الثاني في المستوى الأول في المسابقة العالمية.

سعيد محمد الغول يبلغ (١١) عامًا من مدينة القدس، التحق بالمركز قبل عام، قال: "كنت عندما أرى أطفال الذكاء العقلي وسرعتهم في حل المسائل الحسابية أقف فاتحًا فمي، متعجبًا لأمرهم، فلم أكن أتوقع يومًا أن أصبح مثلهم".

وسردت والدته: "عندما رافقته إلى المركز كان لمدربته نظرة خاصة، فمن اليوم الأول قالت لي: "سعيد لديه شيء مميز ومختلف عن بقية الطلاب، وسيصل يومًا إلى العالمية"، فحديثها شجعه على الاهتمام بالتدريب، وعدم التغيب عن محاضرات الدورة".

وكانت مدربته تحدثه دائمًا أنه من أسرع الطلاب وأكثرهم دقة بالحل، وعن ضرورة مشاركته في المسابقة، وتؤكد له أنه سيكون له مستقبل زاهر، وسيحصل على نتيجة مميزة.

وتابع سعيد حديثه: "قبل انتهاء المستوى الأول بت أشعر أن هناك تغيرًا إلى الأفضل، وأن للدورة دورًا كبيرًا وإيجابيًّا في تغيير شخصيتي إلى الأفضل، فأصبحت أكثر ثقة بنفسي، وبدأت الصعوبات تظهر عندما أعلمنا موعد المسابقة الوطنية، ولكن كان لزامًا عليّ ألا أخذل أهلي ومدربتي؛ فأمسيت أتدرب أكثر".

التدريب كان سهلًا، لكن في الوقت نفسه كان متعبًا، والمسابقة عبارة عن حل ٢٠٠ مسألة حسابية بـ ٨ دقائق، فوضع هو ووالدته خطة للتدريب، وقدمت له عائلته المساعدة، مع التشجيع الدائم حتى استطاع حصد لقب البطل على مستوى الوطن لعام 2018م.

وبين أن فوزه بهذا اللقب أشعره بالمسئولية الملقاة على عاتقه، وأن عليه بذل المزيد من الجهد بعدما تأهل للمشاركة في المسابقة العالمية بماليزيا حتى يمثل بلده فلسطين، فكثف ساعات التدريب في البيت والمركز، مع التدريب المستمر؛ فاستطاع أن يتمكن من حل جميع المسائل الحسابية في الوقت المطلوب.

وحقق حلمه وطموحه بحصوله على مركز عالمي، "فأنا فخور بذاتي، وبالإنجاز الذي قدمته لوطني أن أرفع رايته في المحافل الدولية، وكنت مثالًا يحتذى" قال سعيد، الذي يطمح مستقبلًا أن يصبح طبيبًا مختصًّا بجراحة القلب.