فلسطين أون لاين

​إياكِ وتهديد طفلك بالنار

...
غزة- صفاء عاشور:

تتبع بعض الأمهات أو الآباء أساليب خطأ في تربية الأطفال، خاصة عند محاولتهم تقويم سلوكهم وإبعادهم عن ارتكاب الأخطاء التي لا يوافقون عليها، وكثير من الأهالي يلجؤون إلى تخويف الطفل بالنار أو الاحتراق بجهنم، إذا استمر في سلوكه الخطأ.

أسلوب يراه الاختصاصي النفسي إسماعيل أبو ركاب سلبيًّا، ويأتي في مرحلة يكون فيها الطفل غير قادر على استيعاب المعنى الحقيقي للنار، لافتًا إلى أن تفكير الطفل بالنار يكون محصورًا في موقد الغاز بالمنزل.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "إن الطفل في سن أقل من ثماني سنوات يكون فاقدًا للمحسوسات، وإدراكه النار يقتصر على موقد الغاز في البيت أو القداحة، وليس المعنى الحقيقي لنار جهنم، وبذلك عملية تخويف الطفل بشيء لا يدركه لن تجدي نفعًا".

وأضاف أبو ركاب: "يحبذ عند رغبة الوالدين في إبعاد الطفل عن سلوك سيئ اتباع سلوك التحفيز الإيجابي والترغيب لا التخويف، بأن يحبب إلى الطفل العمل بتوضيح الأمور الإيجابية التي ستعود عليه".

وأكمل: "كأن يشجع الطفل على ممارسة سلوك معين، لتكون جائزته أن الله سيحبه أكثر، إذا قام بهذا الفعل، وبذلك سيترسخ داخل الطفل أنه إن قام بعكس السلوك الإيجابي فإن الله لن يحبه، أو لن يُوفَّق في حياته".

وبين أبو ركاب أنه بهذه الطريقة يبدأ الطفل تفسير الأمور وإدراكها منطقيًّا بعيدًا عن جزئية الجنة والنار، التي لن يستطيع تفسيرها في سن صغيرة، منبهًا إلى أنه يجب الابتعاد عن تخويف الطفل بالأمور غير المحسوسة.

وذكر أن استمرار تهديد الطفل بالنار وعذابها وغيرها من الأمور غير المحسوسة سيجعل الطفل يعاني الكوابيس والأحلام المزعجة، وسيقلل من رغبته في الرجوع إلى الله، أو التعديل من سلوكياته السيئة.

وأكد أبو ركاب أنه ينبغي عدم ربط فكرة الخالق بالأمور المحسوسة منذ الصغر، ويجب ربطها بالأمور المحببة إلى الطفل، كالنجاح والتفوق والأمور الإيجابية؛ ليكبر الطفل وتبقى فكرته عن الدين والإسلام ألطف وأبسط من فكرته لو ربطت بالعذاب والنار.

وبين أنه على الوالدين مراعاة التوازن خلال تربية الأطفال بين الترغيب والترهيب، وأن يكون الترهيب دون قهر أو تخويف شديدين، وإنما مجرد تهديد بغضب أو حرمان من شيء يحبه، مؤكدًا أهمية بناء مساحة تعتمد على الحوار الهادئ والمناقشة منذ سنوات الطفل الأولى، ومنح الأبناء بعض الحرية المناسبة لسن الطفل لاختيار ما يحب وما يريد وترك ما يكره.

وشدد على أهمية تعليم الطفل تحمل المسؤولية عن أخطائه، فبدلًا من الانفعال في الطفل عند فعله خطأ وتهديده وتخويفه، يمكن الطلب منه إصلاح ما قام به أو الاعتذار عنه، مع الشرح له بأن ما قام به خطأ يجب الابتعاد عنه.

وذكر أبو ركاب أن على الوالدين التوضيح للطفل أنهما يكرهان الخطأ لا المخطئ، لذلك يجب الابتعاد عن السب والتعنيف والإهانة، لافتًا إلى ضرورة تعليم الطفل عدم الخوف من الفشل، لأن ذلك سيحرمه التجربة والمحاولة، لذلك يجب عدم التوقف عن تربيته وتقويمه، مهما تكرر خطؤه.