يحتل المسجد الأقصى مكانة إسلامية عظيمة في قلوب المسلمين، فهو مهوى أفئدتهم ومحط أنظارهم، ويقع في أقدس الاماكن على الارض، وبزيارته والصلاة فيه «التقديس» تكتمل شعائر الحج، وما يتعرض له الاقصى حاليا على يد الاحتلال الصهيوني، يستوجب استنفارا عاما وشاملا من قبل الامة الاسلامية، التي يتوجب عليها ان تتذكر على الدوام المكانة الدينية والاسلامية، التي يتميز بها المسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، وقد اختار الله سبحانه وتعالى ان تكون الطريق الى السماء من المسجد الاقصى المبارك، وقد أسرى بالنبي عليه الصلاة والسلام من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى، والله قادر على ان يسري به مباشرة من المسجد الحرام، مما يؤكد المكانة العظيمة للمسجد الاقصى عند الخالق، كما ان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أمّ بالأنبياء في المسجد الاقصى، ولهذا ايضا دلالة دينية كبيرة.
وللتذكير، فان المسجد الاقصى أول قبلة للمسلمين في صلاتهم، حيث صلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم تجاه المسجد الأقصى سبعة عشر شهرا، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، بأربعين سنة، وثالث مساجد المسلمين التي تشدّ إليها الرحال، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماوات العلا.
فالإسراء كان من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس في ليلة واحدة، وكان للنبي بروحه وجسده معا، أما المعراج فكان من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا, والمسجد الأقصى لا ينفصل أبدا عن المسجد الحرام وبالتالي فالاعتداء على المسجد الأقصى هو اعتداء على المسجد الحرام وهو اعتداء على المسجد النبوي واعتداء على كرامة المسلمين واعتداء على شريعة رب العالمين وعلى العقيدة الإسلامية.
ويعتبر بيت المقدس أرض المحشر والمنشر، ومركز الطائفة المنصورة الثابتة على الحق، كما ورد في الحديث، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قيل أين هم، قال، ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس».
بيت المقدس الأرض الطيبة المباركة، وهذه البركة تشمل البركة الدينية؛ فبيت المقدس هو أرض الأنبياء ومهبط الرسالات، فعلى أرض بيت المقدس عاش العديد من الأنبياء منهم إبراهيم، وكليم الله موسى بن عمران، وعيسى بن مريم، وداود وسليمان وزكريا ويحيى عليهم الصلاة والسلام جميعا، بل إن يوسف عليه السلام أوصى قبل موته في مصر أن ينقل رفاته إلى بيت المقدس، أما عن البركة الدنيوية فهي تتمثل في البركة في الأشجار والمياه والثمار والبركة في الأرض.
بيت المقدس منارة للعلم والعلماء قديما وحديثا، حيث كانت تلقى دروس العلم في التوحيد والفقه والتفسير في رحاب المسجد الأقصى زمنا طويلا، ومن أهم العلماء الذين درسوا في المسجد الأقصى الإمام الأوزاعي فقيه الشام، وسفيان الثوري فقيه العراق، والليث بن سعد عالم مصر والإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة.
هذه القدسية والأهمية الدينية التي يتمتع بها المسجد الأقصى المبارك وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في بيت المقدس، تستحق اهتمامًا أكبر من الأمتين العربية والإسلامية، وتحركًا أكثر جدية ونشاطًا لإنقاذها من براثن الاحتلال الصهيوني، وإعادتها إلى حضنها العربي والإسلامي.