تأخر المجلس التشريعي عشر سنوات في قراره نزع الأهلية عن محمود عباس، وكان يجب أن يحسم الأمر، ويتخذ القرار قبل هذا التاريخ بكثير، ولو كان عباس يعرف أن المجلس التشريعي سيتخذ هذا الموقف من قبل، لما تجرأ على القضية الفلسطينية، ولما تطاول على الشعب.
تأخر قرار المجلس التشريعي، ولكنه جاء، جاء ليضع حداً للهلوسة السياسية التي تحدثت سنوات طويلة عن مصالحة وطنية في ظل وجود شخصية مثل شخصية محمود عباس، شخصية لا تؤمن بالمصالحة، ولا تهتم بمصلحة المواطن أو الوطن، وهذه نقطة نقد للمجلس التشريعي الذي تأخر في قراره، وكان الواجب يقضي أن يحسم هذا الأمر من زمن طويل.
الشواهد الحية التي وثقتها اللجنة السياسية في المجلس التشريعي كثيرة، وكلها تدلل على أن محمود عباس خرج عن حركة فتح ومبادئها أولاً، وخرج من منظمة التحرير وأهدافها ثانياً، بل خرج عن أسس أوسلو وتفاهماتها التي أنهت مرحلتها الانتقالية سنة 1999، فمدد لها عباس حتى سنة 2019، وسيمدد لها بقية حياته، التي أفرغ مضمونها في كأس الأمن الإسرائيلي.
الأغلبية البرلمانية التي صوتت إلى جانب قرار نزع الأهلية عن عباس لا تكفي، كان يفترض أن يحظى هذا القرار بالإجماع الوطني، أو بثلثي الأعضاء على أقل تقدير، وهنا نطرح السؤال على رئاسة المجلس التشريعي: لماذا لم تشارك بقية القوى والتنظيمات الفلسطينية في جلسة نزع الأهلية، في الوقت الذي يلتقون بالتصريحات العلنية مع حركة حماس في اعتراضها على عباس؟
والسؤال نفسه يطرح على كل القوى السياسية التي انتقدت مواقف عباس السياسية، وإجراءاته العقابية، أين أنتم؟ ما الذي يعيق مشاركتكم وأنتم بحاجة إلى تجميع القوى، وتوحيد الطاقات للخلاص من شخص وضع يده في يد أعداء القضية الفلسطينية، وراح يتآمر على مقدرات جميع القوى؟ أين أنتم؟ وإذا كان التوحد حول موقف واضح مثل هذا غير ممكن، فمتى سيكون لكم موقف حاسم من بقية القضايا السياسية التي تهم الوطن فلسطين؟
تباطؤ التنظيمات المعارضة في التآلف على موقف موحد هو مصدر قوة عباس الذي يعرف أنه لا يحظى بالتفاف كل عناصر تنظيم حركة فتح من خلفه، ولكنه يراهن على عدم توافق القوى السياسية والتنظيمية على تشكيل كتلة واحدة، قادرة على تغيير المعادلة، والانطلاق ببرنامج عمل موحد باتجاه الديمقراطية، وحرية الرأي، والشراكة السياسية.
قرار المجلس التشريعي ضربة قاصمة لمحمود عباس، ولكنها ضربة لا تميت إلا إذا تضافرت الجهود، وتآلفت القوى السياسية والشعبية على موقف داعم ومعزز لقرار المجلس التشريعي الذي يشكل بداية وضوح في الرؤية، وبداية مشوار وطني، يعبد الدرب للمزيد من المواقف، والمزيد من اللقاءات التنظيمية والشعبية للوصول إلى إزاحة عباس عن واجهة القرار السياسي الفلسطيني، كخطوة أولى على طريق دحر الاحتلال، وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته.