فلسطين أون لاين

​الانتقائية في الحرّيات

ما ذكرته نقابة الصحفيين في بيانها أنها وثقت نحو 500 انتهاك من الأمن بغزة بحق الصحفيين في القطاع منذ عام 2007، لم يتطرق إلى الانتهاكات بحق الصحفيين في الضفة الغربية، وهو ما يقلل من التوازن في الطرح، وعدم الدقة والرؤية الشاملة، فالأصل أن يُتَناول الأمر عامة وبشمول في كل أرجاء الوطن، وعدم الانتقائية هنا وهناك، فالقارئ والمتلقي يميزان جيدا ويصلان للمعلومة الصحيحة بسرعة هذه الأيام مع التقدم التقني الكبير جدا في وسائل التواصل الاجتماعي.

في كل دول العالم تعد حرية التعبير والصحافة حقا مقدسا لا يجوز المساس به، ما دامت لخير الوطن، ولا تخرج عن نطاق الأخلاق المهنية والنزاهة، وضمن المعايير العلمية والعالمية، فلا توجد نهضة وتطور في أي مجتمع كان دون حرية تعبير وحرية إعلامية شاملة.

عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين منتصر حمدان في حديثٍ لتلفزيون فلسطين، مساء الاثنين الماضي، قال إن ما تروجه حماس من وجود حرية رأي وتعبير في قطاع غزة هو كذب وخداع، لا خلاف في ذلك، إن صح, ويجب التراجع عنه، لكن يبقى أنه لا يصح أن تُنتَهك الصحافة في أي بقعة من الوطن، وكل من يثبت عليه أنه انتهك حرية الصحافة عليه أن يعتذر ويتراجع، فالاعتراف بالخطأ والتراجع عنه فضيلة وليس نقيصة، ولا يعيب ذلك من يقوم به، بل يزيد من مقداره ومن شعبيته وجماهيريته.

الإعلام الفلسطيني يعد سلاحا ضد الاحتلال، عبر كشف جرائمه للعالم، لكن أن يوجه الإعلام الفلسطيني نحو التناقضات الفرعية ويترك التناقض الرئيس وهو هنا الاحتلال، فهذا لا يصح قطعا، ولا يبشر بخير، حيث يوجد العديد من الصحفيين في الاعتقال لدى الاحتلال، وهو أمر يفعله الاحتلال بكل قطاعات الشعب الفلسطيني، ولا يصح أن يُعتقل أي صحفي من أي جهة فلسطينية.

الانتهاكات بحق الصحفيين من أي كان وفي أي منطقة كانت، لا تصح تحت أي ظرف كان، فالصحافة مرآة المجتمع وداعم لتجنب سلبياته وتعظيم إيجابياته، ولا يوجد مجتمع نهض وتطور وتحرر دون نهضة صحفية قوية متطورة، فالأمور والأحداث ومختلف القطاعات، تكمل بعضها البعض وتؤثر إيجابا أو سلبا في أي مجتمع.

الصحفي هو ناقل للخبر، ومرآة المجتمع، وهو ليس بصانع الحدث أو القرارات، فالقرارات صنع القادة دوما، ولا يصح أن يكون هناك غبرة على مرآة المجتمع، وكل من يشوش على العمل الصحفي المهني هو مخطئ، فالصحافة أصلا تنبه المخطئ لخطئه الذي قد يكون لا يعلم به ليصححه.

في كل الأحوال شعبنا الفلسطيني شعب معطاء، وهو شعب لا يقبل بالأخطاء ولا يصر عليها، وإن حصل انتهاك فيجب أن يحارب من الجميع ويمنع أن يتواصل، ومن حق شعبنا أن تكون لديه صحافة قوية واعية راشدة تنهض به في مختلف المجالات خاصة مجال الحريات، حتى كنس الاحتلال.