فلسطين أون لاين

لو عاد بك الزمن فهل ستختار شريكة حياتك ذاتها؟

...
صورة تعبيرية
غزة - عبد الله التركماني

ربما يراود هذا التساؤل معظم الرجال بعد مضي عدة أعوام على الزواج، في حالة من تقويم التجربة، وقياس مدى نجاحها، ومعرفة إمكانية صمودها عقودًا من الزمن تمتد إلى نهاية العمر.

وتمر مراحل الزواج المختلفة، بدءًا من اختيار الزوجة والتأسيس، وليس انتهاءً بتطور العلاقة الزوجية وانصهارها لتصبح علاقة متعمقة متشابكة، بالعديد من المشاكل الحياتية الاجتماعية والاقتصادية، التي تفرض على كلا الزوجين ارتداء رداء الجدية للتعامل معها، بعيدًا عن التملق والتنمق، ليظهر على كليهما صفات الفطرة، التي عادةً ما تختفي تحت الستار في مرحلة الخطوبة وبداية الزواج.

يتفق خبراء اجتماعيون ونفسيون أنه كلما تقدم الرجل سنًّا وتراكمت لديه الخبرات الحياتية اختلفت إجابته عن التساؤل: (لو عاد بك الزمن فهل ستتزوج شريكة حياتك؟)، إذ إن نظرة الشاب في سن العشرين الذي لا يزال متعلقًا بخيوط المراهقة والعاطفة الحساسة تختلف عن نظرة الرجل الثلاثيني أو الأربعيني، الناضج فكرًا، وأصبح يمتلك المال الذي يمنحه شعورًا أنه قادر على تغيير كل ما حوله به، وكلاهما يختلفان في التفكير عن نظرة الرجل بعد تخطي سن الخمسين عامًا، إذ يصبح أكثر ميولًا نحو الاستقرار والثبات وقبول الواقع.

الجمال أم المسؤولية؟

الشاب منير اللوح (22 عامًا، وهو خريج جامعي ومتزوج منذ ثمانية أشهر) قال لصحيفة "فلسطين": "إن الزوجة تعني لي الجمال والأناقة بالدرجة الأولى، ثم تأتي معايير أخرى لقياس القبول والرضا، كالتفاهم والمرح والثقة".

وأضاف: "لم تكن نظرتي قبل الزواج إلى مفهوم الزوجة تتفق مع نظرتي الحالية، فعندما كنت أعزب كان المفهوم يرتكز على الجوانب العاطفية والحميمية، ولكن بعد الزواج أصبحت أكثر إدراكًا أن الزوجة هي الشخص الذي ينقل الإنسان من مرحلة التيه العاطفي إلى مرحلة الاستقرار العاطفي وتأسيس الأسرة".

"فلسطين" وجهت سؤالها إلى الشاب محمد (37 عامًا) الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملًا: "لو عاد بك الزمن فهل ستتزوج شريكة حياتك؟"، ليجيب: "لا، كنت سأختار زوجة أخرى".

وعلل محمد المتزوج منذ (16) عامًا ويعمل محاسبًا في شركة خاصة إجابته بالقول: "في بداية حياتي الزوجية كان اعتقادي أن من يمتلك زوجة صارخة الجمال فهو يمتلك كل شيء، لكن هذا الاعتقاد كلما تقدمت بالسن كان يثبت خطأه".

وأضاف: "صحيح أنني عشت حياة سعيدة يسودها الوئام والتفاهم في بداية حياتي الزوجية، ولكن كلما تقدمنا بالسن كان الود يذوب والمشاكل بيننا تكبر، دون سبب واضح لحدوث هذا الأمر، مع أنه من المفترض أنه كلما تقدمنا بالسن ازداد الود، لا العكس".

تغير المقاييس

أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى بغزة د. درداح الشاعر يرى أن تغيُّر مقاييس القبول والرضا بالزوجة لدى الرجل تختلف مع تغير احتياجاته التي تتغير أساسًا مع تقدمه في السن، إذ إن احتياجات الرجل في مرحلة النضوج والشباب تختلف عن احتياجاته في مرحلة الجدية في متوسط العمر، وتختلف عن احتياجات مرحلة الشيخوخة والهرم.

وقال الشاعر لصحيفة "فلسطين": "الإنسان في مقتبل حياته الزوجية تكون أبرز احتياجاته الإشباع الجنسي والوصول إلى علاقة حميمية قوية، ما يجعل أهم مقاييس القبول والرضا بالزوجة لديه هو الجمال والأناقة".

وبين أنه في مرحلة العمر الأوسط التي تدور حول الثلاثينات تبدأ بعض المفاهيم الجديدة تبرز لدى الرجال عن النساء، وتبدأ تساؤلات مختلفة تغزو عقول الرجال والأزواج، أبرزها: هل الزوجة تصلح لتربية الأبناء تربية صالحة؟، وهل هي قادرة على إرساء قواعد الاستقرار بحسن التدبير المنزلي وإدارة المصروفات؟

وأضاف الشاعر: "مع دخول الرجل سن الثلاثين، وانضمام أفراد جدد إلى الأسرة، وهم الأبناء، تتغير معايير قياس مدى قبول ورضا الرجل بزوجته، فتبدأ معايير الجمال والأناقة تنخفض، وتبرز معايير أكثر أهمية للرجل في هذه السن، منها الإدارة المنزلية وتربية الأبناء".

ولفت النظر إلى أنه في سن الأربعين تبدأ مشكلات الحياة الزوجية الحقيقية تعترض طريق العلاقة الزوجية، وهي مشكلات اجتماعية اقتصادية بالدرجة الأولى، وتصبح رغبات الرجل منصبة أكثر نحو الزوجة التي تساعده على تحمل أعباء البيت، والتخفيف من هذه المشكلات.

أما في مرحلة الخمسين -بحسب ما ذكر الشاعر- فيولي الرجل أهمية أكبر معايير الود والرأفة والتفاهم والانسجام، ويصبح الرجل في هذه السن أكثر تقبلًا للواقع وتصالحًا مع الذات، وفي مرحلة الستين وما فوق تصبح أبرز احتياجات الرجل من الزوجة هي أن تعينه على التقرب إلى الله، لأن مسيرة اللذة والشهوات في حياته تكون قد ضعفت وخفتت، وأصبح الاهتمام منصبًا نحو الحياة الآخرة.

ونصح أستاذ علم النفس الاجتماعي الزوجة بمراعاة فروق احتياجات الرجل واختلافها مع اختلاف مراحله العمرية، الأمر الذي يجعلها مقربة أكثر إلى قلبه، وأكثر تفهمًا لاهتماماته وأولوياته، مشددًا على أن احتياجات الرجل في كل المراحل العمرية يجب ألا تسبب الأذى للزوجة بأي شكل من الأشكال.

أخيرًا -عزيزي الزوج- يبدو أن الإجابة عن سؤالنا المعنون: (لو عاد بك الزمن فهل ستختار شريكة حياتك؟) يجب ألا تكون إجابة مباشرة تتمثل بنعم أو لا، إذ إن معايير قياس القبول والرضا بالزوجة تختلف مع اختلاف المراحل العمرية لدى الرجل، والزوجة يجب عليها مواكبة أولوياتها اهتمامات رجلها في كل المراحل العمرية، وصولًا إلى درجة جيدة من الحياة الزوجية المثالية أو المقبولة.