فلسطين أون لاين

ما هي حكاية شجرة السدر؟

...
غزة - جواهر حجو

كل من يمر بجانبها يتساءل عن سبب وجودها في منتصف الطريق إلى هذه اللحظة، وما السر وراءها؟ ولماذا الجميع يذكرها للعلاج النفسي والجسدي؟ تساؤلات عديدة تخطر على بال المواطنين, وروايات وقصص تعد من عالم الخيال والأساطير ولكنها حقيقة!

ليس كل قديم له قيمة أو يجذب الناس ولكن هذه الشجرة –شجرة السدر- أجبرت الجميع على التقرب منها لعلاج لكثير من الأمراض, وأيضا شهدت قصصًا جمة لأن أجدادنا جلسوا تحتها كثيرًا فهي كالقلب الحنون تضم جميع مشاكل الناس وتشفي همومهم.

هذه الشجرة التي لم تكف الأجيال عن الحديث عنها فهي أصبحت معلمًا أثريًا في قطاع غزة ويزيد عمرها عن 200 عام, "فلسطين" تتحدث عن شجرة السدر في الإسلام والتاريخ الفلسطيني ,كما قال د. غسان وشاح رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية.

أستاذ الفقه والأصول في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الاسلامية أ. د. ماهر الحولي, بدأ حديثه عن ذكر هذه الشجرة في القرآن, فالسدر من أشجار الجنة يتفيأ تحتها أهل اليمين حيث قال تعالى: " وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ". كما ورد ذكر السدر في قوله تعالى: " عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَ ".

وهي شجرة علاجية ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث ذكر فيها شجرة السدر، منها أن يغتسل بورق السدر في قوله: " "اغسلوه بماء وسدر" حتى الميت يغسل بورق السدر وذلك لما له أثر كبير في تطييب جسد الميت وتطهيره ، ومن ذلك قوله: " اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني. قالت: فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه وقال: أشعرنها إياه".

ولفت إلى أن أفضل أنواع العسل هو عسل السدر وتستعمل أوراقها لطرد الشياطين والسحر، وعن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى سدرة المنتهى ليلة أسري به وإذا نبقها مثل قلال هجر، [رواه البخاري], وورد عن العلماء أنها طاردة للجن، وأن هناك أقاويل أنها شجرة معمرة وتاريخية وهي معلم أثري.

وبالانتقال إلى رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الاسلامية والمؤرخ الفلسطيني د. غسان وشاح قال إن شجرة السدرة "الخروبي", الموجودة في حي الدرجهي أقدم شجرة في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الحي ذاته من أقدم المناطق في القطاع، ويضم معالم أثرية منها قصر الباشا وحمام السمرة والمسجد العمري الكبير.

وتوجد هذه الشجرة على تقاطع طرق رباعي، وهي شجرة معمرة يزيد عمرها عن ربع قرن، وبين د. وشاح أنه كان هناك رجل معمر في السن يجلس تحت هذه الشجرة؛ ليستظل بها وبعد أن توفي دفن تحت هذه الشجرة, وأيضًا دفن أحد العلماء تحتها.

والغريب أن هناك –كما قال- قصصا تميل إلى الأساطير والخيال كروايات ألف ليلة وليلة، فهناك قصص تقول إنه لا يمكن لأحد أن يقتلع هذه الشجرة، وأن البلدية قامت بمحاولات عدة لحفريات، واكتشفوا أن هذه الشجرة لها جذور لعشرات الأمتار تحت الأرض ممتدة ومغروسة في عمق حي الدرج.

وتابع: "وفي زمن الاحتلال الاسرائيلي حاول أحد الجنود اقتلاع هذه الشجرة باستخدام جرافة وانكسر كباش الجرافة ولم تصب هذه الشجرة بأي مكروه، وأن هذا الجندي علم من أهل الحي أن تسببه بأي ضرر للشجرة يمكن أن يصيبه مكروه فخاف، وذبح ذبيحة وزعها على أهالي الحي".

وقال هذه الشجرة ترسخت في الثقافة الفلسطينية كمعلم أثري وتاريخي وأصبحت تذكر على مر العصور ولجميع الأجيال, ولا جدال على أنها مباركة ولا يصيبها أي أذي أو مكروه، وبعض القصص عن هذه الشجرة جعلتها مقدسة عند سكان المنطقة خاصةً وفي قطاع غزة عامةً.

وأوضح أن هذه الشجرة ستبقى إلى أن يشاء الله، فهي أولا تقع بين مفترق طرق، ولا تعيق حركة السير أبدًا، وشكلها هندسي لا يتعارض مع أي تحسينات في الشارع والحي، والأهم أنها صارت معلمًا من معالم غزة وجزء من تاريخها.